كتّاب

الانحطاط شامل، من كرة القدم حتى المعرفة، ومن العسكرية حتى الأخلاق….


الانحطاط شامل، من كرة القدم حتى المعرفة، ومن العسكرية حتى الأخلاق.

أدناه المقالة التي كتبتها حول موقفي من فكرة التدخل الخارجي، عسكريّاً، وسقت نماذجَ للتدخل. النماذج الحميدة والسيئة.

ومن هذه المقالة خرج بعضهم بالقول إن مروان الغفوري يدعو لقتل مئات الآلاف من اليمنيين. وليس لدي من رد سوى أن مثل تلك القراءات تؤكد الحقيقة المادية الجسيمة وهي أننا، فعلاً، في زمن انحطاط عظيم. وأننا لم نعد أمناء حتى على قراءة النصوص! حتى الكاتب المعروف محمود ياسين، وهو مثقف مبهِر، سمح لنفسه أن يشبه الآخرين، وليس ذلك بالأمر الجيد للثقافة. وقرأت كتابات هاجمتني وكانت تبلغ من التفاهة حد أنه لا يمكن دحضها! وحتى محمود ياسين، الكاتب الذي لا يشبه أحداً، سمح للحظة المأزومة أن تهز قدرته الشاملة. وهو ليس معنيّاً بهذا الكلام، على كل حال..

أحيلكم على المقالة. اعثروا فيها على الكلمات التي تقول إن الكاتب مروان الغفوري طالب العالم بقتل 100 ألف يمني.

الذين خرجوا من المقالة بذلك الاستنتاج أكدوا لي ما قلته سابقاً وهو أني لا أتعامل مع ما يكتبونه على محمل الجد، فهم لا يحيلون إلى نصوص، ولا إلى وثائق، ولا إلى أرقام، ولا إلى دراسات، ولا إلى كتب. وبكل الخفة الممكنة واللاممكنة يكتبون، مخلّقين تجسيداً عظيماً لفكرة فلسفية تقول إن الانحطاط شامل، وأن مثقفي أزمنة الانحطاط هم عينات نموذجية لزمنهم.

وهذا الصباح قرأت لكاتب قرأ مقالتي واستنتج أني داعشي، وعندما فكرت بالتعليق على ما كتبه واجهت معضلة، فقد قال كلاماً لا يصلح للنقاش. وهو في الأساس رجل لم يحصل على قدر كافٍ من التعليم التحديث، وهو ما يفسر فشله في التعامل الشامل مع الأفكار. وأحدهم تحمّس أبعد من ذلك وشتم والدي. ثمّة فجوة كبيرة بيننا، أزمنة سحيقة بين شخص منخرط في العلوم الحديثة وميكانيزمات التفكير والاستنتاج المعاصرة، وبين آخرين خارج كل تلك الأنساق. بين شخص وصل حتى آخر شهادة يمكن أن تمنحها الجامعات، وتدرب على التفكير من داخل ثلاث لغات وفي أكثر من حقل، من المعرفة حتى العلم .. وبين آخرين يرون العالم على شكل بيضة كبيرة جلس عليها الزنداني!
إلخ إلخ
أولئك الذين عندما عثروا على كلمة “حزب الإصلاح” اعتقدوا أنهم عثروا على الأداة التي بمقدورها تفسير كل الظواهر البشرية، من السياسة حتى الفن. هذا أمر مضحك، هو كذلك. ولكنه أيضاً يلقي ضوءً على جزء من الغابة التي تاه فيها اليمن المعاصر..

وهذه أزمة صعبة، ومعقّدة. وأنا أعرف الكاتب مروان الغفوري جيّداً، لا يمكن النيل منه بتلك الطريقة.

ومنذ سنين وهم يتعاملون مع ما أكتبه بطريقة متخلفة وهمجية تعتمد كلياً على الشتيمة الشخصية والاستخفاف، ويفشلون في إدارة نقاش واحد حول النصوص. وهكذا ذهبوا يصرخون الغفوري يطلب من التحالف قتل 100 ألف يمني. مختصرين البحث الذي أجريته حول التدخل الخارجي ومواقف النخب المحلية منه إلى تلج الجملة الأثيرة:
الغفوري إصلاحي. ما هذه البدائية السحيقة!

هذا جزء من المقالة المشار إليها، ورابطها أدناه لمن أراد أت يطلع عليها.
ـــــــــــــــــــــــ

في العام 1929 حاز توماس مان جائزة نوبل للآداب. وقف الألماني الأشهر أمام اللجنة التي منحته الجائزة وقرأ “أهدي هذه الجائزة إلى شعبي وبلدي”. ومع نهاية العام 1939 كان توماس مان يتحدث إلى شعبه وبلده عبر إذاعات أميركا قائلاً “اصمدوا، دعوا قوّات التحالف تقصف النازية، عمّا قليل سنكون بخير وستكون ألمانيا بخير”. حتى عندما كانت قوّات التحالف تهاجم هامبورغ وتقتل، عن طريق الخطأ، 100 ألف ألمانيّ لم يتوقف توماس مان عن الكلام، ظل يخاطب شعبه “عمّا قريب سينتهي أمر النازية وستعود ألمانيا”. ومنذ انتهت الحرب، وحتى هذه الساعة، يكنّ الشعب الألماني لمان عرفاناً عظيماً. فقد عادت ألمانيا، بالفعل، وذهبت النازية أدراج الرياح. والرجل الذي أهدى أمّته جائزة نوبل كانت أمّته تشعر بحبّه وبولائه لها، غير أن النازية كانت شيئاً طارئاً، وكانت ورطة تاريخية، وكلّفت عملية هزيمة النازية نصف قرنٍ من الآلام.
والنازية نشأت كعقيدة عرقية بيولوجية تمنح التفوق لجنس من الناس، الولاية والسيادة، وتقضي على المواطنة لمصلحة ذلك النوع من السيادة، ثم تقوض السيادة لمصلحة الأمن القومي، ثم تبدد الأمن القومي لمصلحة الأمة العظيمة، ثم تسحق الأمة العظيمة قائلة إنها تواجه الأعداء. وكانت تلك هي قصّة النازية الألمانية، والنازية في كل العصور. وقصة الصورة الأخرى منها، الفاشية. ولم تكن النازية الألمانية سوى الصورة الكبرى لتوحش الأوهام، لكيف تصبح الخرافات العِرقية السلالية سموماً وطنية وباباً إلى الجحيم، ومصدراً للا استقرار الدولي. بقيت النازية صورة قابلة للتكرار، وبقيت الصورة التي انتهت بها النازية الألمانية نذيراً مروّعاً. والظواهر المتشابهة تأخذ نتائج متشابهة.
لم يكن توماس مان وحيداً، فقد وقفت طائفة واسعة من كبار المثقفين الألمان مساندة لأوروبا في مواجهة سرطانها الخطِر، وفرّت حنّا آرندت منفصلة عن صديقها ومعلمها مارتن هايدغر الذي وقف، بادئ الأمر، إلى جوار هتلر معتقداً إن النازية باستطاعتها أن تغزو العالم لما وهبتها الطبيعة من تفوق خالص. شنّت حنّا آرندت حرباً لا هوادة فيها ضد النازية الهتلريّة بالتزامن مع تدمير الحلفاء لجيش هتلر وقدراته، وكان أكثر من 600 ألف ألماني يسقطون قتلى في قصف برلين. وبقي المثقفون الألمان متماسكين، وكان على النازية أن تغادر.

م. غ.

http://marebpress.net/articles.php?id=41300

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫49 تعليقات

  1. محمد محمد الراعي …على ما أعتقد المقاله أحذت منك أسبوع بأيامه ولياليه …لتنقد الغفوري ، والهدف من مقالتك هي تبرير الأعمال الإجراميه لأنصار الشيطان والمنحط فكريا البخيتي …….شكرا مروان الغفوري ….بجد أنت أكثر من رائع .

  2. يادكتور لا يقودونك بعض المعلقين الى أفكارهم بل قودهم انت الى أفكارك وضع بعض المثقفين خلف السور لأنهم لا يعرفون ما امام السور وهكذا هيا الحياه

  3. ده موضوع مختلف. لأن الكتابة عني دخلت طور قذر، وهو الترويج لفكرة أني أقول لا بأس من قتل مائة يمني. كانوا صغار عقول وكنت أعرفهم، لكن أن يكونوا بهذا المستوى من الوضاعة.. أمر خطر

  4. عرفتهم يا غفوري وضحكت في حينه. حتى أن أحدهم “من المشار إليهم” ربط ذلك بشعبيتك.. هههه والله العظيم، وكأنها غيرة منه على التعليقات التي تنالها كتاباتك.. قلت في نفسي: يا ستار والبغض، يا ستار والحسد. مالك من عارهم. :-)

  5. استاذي العزيز لاتكلف نفسك عناالتبريرفوالله ان من لديه قناعه مسبقه حتي وان كانت هذة القناعه مزيفه ومشوهه وظاهرة لكل متجرد ومحايد فلن تستطيع اقناعه الا في حاله وحدة (ان يتوب الله عليه ويهديه للحق)استمر استاذي العزيز وفقك الله

  6. كانت بداية متابعتي لكتاباتك في مولد الرسول والتي اثارت ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي فضليت مترقبا لما تكتبه ومحاولاً الوصول الى بعدك الفكري،فوجدتك شخص جدير بالمتابعة والاحترام فانا اقراء كل ماتكتبه . تحياتي لك

  7. كلامك عن محمود ياسين صحيح د.مروان، وانا أؤكد لك بأن محمود ياسين كاتب أنيق لكن عليه أن يتوقف عن الكتابة في مثل اللحظات القوية والشديدة والتي تحتاج إلى قلب شجاع لأنه عاطفيته الزاءدة عن حدها تقوض الأناقه والحقيقة والأمانه في كتاباته دون أن يشعر.

  8. عندما اقرأ للدكتور مروان الغفوري فإنني على ثقه انني اقرأ لكاتب متجرد من كل الانتماءات عندما يرئ الحقيقه
    مكنوناته العلميه والادبيه الغزيره
    تجعله يكتب بروح الحضاره والعصر وعالم اليوم وليس برؤية سيد الكهف او سكان الصحراء
    لك التحيه مروان الغفوري لاعليك الشجره المثمره ترمي بالحجر

  9. ماذا لو كان أطفالك أو أحب الناس إليك من ظمن الذين ستصيبهم النازية بالخطأ هناك من يحب أهله أكثر من الأرض والفكر إصلا هذا ما يريد الكثير الإشارة إليه.

  10. فعلا فجوه واسعة بيننا وبينهم وسببها مشائخهم وساداتهم الذين أرادوا إستعبادهم وتطويعهم لمشاريعهم ولا يمكن لهم ذلك إلا بحالة الجهالة التي يعشونها وهذا سبب الفجوة بيننا وبينهم ومن واجبنا ردم هذه الفجوة كما ردمت ألمانيا الحديثة الفجوة بين النازية والإنسانية والتي أنتجت ألمانيا اليوم.

  11. مشكلتنا أن أنصاف المتعلمين هم في احيان كثيرة ممسكين بزمام المبادرة في ضل تغيب شبة كامل للعقل والمنطق. إن خطر أنصاف المتعلمين شديد الخطورة. كم نحن بحاجة إلى تجديد خطابنا في كل المجاﻻت. وانت يادكتور رائد في هذا المجال فإلى اﻻمام.

  12. خلاص اسكتي
    عرفنا من يظنون أنفسهم نخبة مثقفة بل قوادين عديمي الكرامة والأخلاق.
    رايناهم يبررون للقتل ويدعون إليه الجميع عرف ذلك ورأى وسمع.
    كشفت الأيام حقيقتكم زيفكم وادعاءاتكم .
    في مثل هذه المواقف يتحمل المثقفون المسئولية وإيجاد حلول لإخراج البلد من مأزق القتل و الاقتتال لكننا للأسف رأينا المثقف اليمني مرتزقة و قواد طائفي وعنصري قبيح ومناطقي مقزز

  13. محمود ياسين كاتب بارع ووطني من الطراز الأول، غير أن كتاباته منذ بدء العاصفة أخذت منحى العنصرية المضادة وأشبعها بقدر كبير من التراجيديا المجانبة للتحليل الواقعي. وكم تمنيت أنه ناقش أفكار مقالك أيا كان فهمه لها دون التعريض باسمك وشخصك، ونحن نعلم تاريخ كتابتك. فحتى في هذه الايام لك منشوراتك ترثي فيها دمار الوطن وسقوط الشهداء. تعجبت من هجومه وهو من كتب في حقك كلاما لطيفا أبام التكريم و”قبلة نانسي” أياها.

  14. مش ناس فاشلين في تحصيل العلم يفكرون بطريقة ويناقشون بطريقة بدائية يادكتور مروان فقط هناك مثقفين يعملون رؤساء تحرير صحف كلما تناقشهم يردون عليك بطريقة بدآئية بتلك الجملة أنت إصلاحي

  15. @Marwan Al-Ghafory

    سيدي توماس الغفوري..اشجاني كلامك واثارني وجعلني اتوق لتلك الأحداث الرائعة.. وإلى صاحب جائزة نوبل الذي لمثله تأسست جائزة نوبل للسلام..

    سيدي توماس الغفوري..سحقا لهم أولئك الذين لم يمنحوك جائزة نوبل.. أولئك الحمقى.. لا يرون أنه لم يعد هنالك ما ترتقيه من سلم العلم فقد وصلت إلى ارفع الدرجات..ولم تشفع لك لغاتك الثلاث التي قرأت بها علوم الأرض لبلوغ الجائزة فحرمتنا من فضلك وكرمك بأن تصدح عبر إذاعة ما تليق بك وتعلن بأنه قد خان لعصافير الموت السعودية أن تغرد فوق سماء اليمن وتغني الأغنية الأخيرة مع أطفالنا فقط ليموت الحوثي.

    سيدي توماس الغفوري.. وصلت رسالتك ولا داعي لجائزة نوبل..سوف نموت جميعا. لأجل أن ترى أمامك يمنا خاليا من الحوثي.. وسأسجل شهادة محبة وشكر فوق ضريحي وضريح أبنائي وسندع البقية حيا ليصافحك بكل محبة على صنيعك.
    سيدي مروان الغفوري..الحمد لله انه لم يعد في اليمن من طاغية ومجرم إلا الحوثي.. فهناك في الرياض وفي لندن وفي بريطانيا رجال يحملون في صدورهم حلما يمنيا خاليا من الطغيان.

    سيدي مروان لقد تلفت أنا في كل ناحية فلم أجد طاغية ولصا ومجرما إلا الحوثي وصالح أما بقية القيادات فإني المح في عيني كل واحد منهم فجر اليمن الجديد.

    الحمد لله أن من الله علينا ببطل حاصل على أعلى الشهادات ويجيد ثلاث لغات لينقذنا من فك الطغيان ويصنع من يمن الداخل مقبرة عظيمة يعيش فوقها بقايا شعب يبحث عن طاغية جديد.

    أخيرا سيدي توماس الغفوري..عندما تقتنع أن غالبية الشعب اليمني بسيط لا يملك عظمة قناعاتك ولكنه يؤمن بقيادة ولو عرجاء.. عندما تؤمن أن خطاباتك التي تكتبها فوق السحاب لناس يعيشون في الأرض لست لأهل الأرض .. عندها فقط ستعرف أن اليمن ليست برلين وان شعب اليمن ليس شعب ألمانيا.

    تحياتي لك

  16. رداً فقط على المستنير الرجعي والإزدواجي …، الذي قال أنني كتبت الرد خلال أسبوع ..!
    الرد لم يستغرق مني أكثر من 15 دقيقة وعليك رؤية تاريخ ووقت إنزال المنشور وفارق الرد أم أنك من شعبة القطيع الذين يهتفون تحت المنصات بهذا الشكل المقزز ..

  17. ياسين
    مان اظن ولن اعود لمقالته لتصحيح الاسم ، دعه يتهمني ب”اللا معرفة” فأنا اعرف ان هؤلاء المغدورين اهلي ، وهذا هو المهم
    مان او اي اسم مكتوب بالانجليزية وحاز على جائزة نوبل ليس ام القتيل ولا مروان كذلك ام احد من المغدورين بالموت السعودي
    هذه ليست ندوة والزمن ليس الاربعينات ونحن لسنا المانيا هتلر ولن اتورط هنا في الدفاع عن الحوثي فانا معني بالدفاع عن حياتنا بمواجهة العلم الغفوري والمراجع والتماسك الذي يفصح عن موهبة فذة لمثقف بلا قلب
    سيتدخلون الان ان منطقه علمي متماسك وهو بارع حقا كما هي براعة من نظروا بحقائق علمية لابادة سكان امريكا الاصليين معتمدين على نظريات اكثر تخصصا وتماسكا ،

  18. ياسين
    الغفوري مثقف كبير ومهم لكنه فاشي
    منح ذاته حق هدر حياة الناس بالمنطق المتماسك الذي لا يخلو من تضليل ،، لكن هذه ليست ندوة ،، تبرير القتل بمراجع فلسفية وانثروبولوجية وبتصريح من حائز على نوبل ،، هو الصورة الفاشية الحديثة المتأنقة المقابلة لفاشية مراجع النسب والتأويل الديني
    كلاهما يفتقر للحس الانساني الرحيم .

  19. من يصف الآخرين بالإنحطاط هوالمنحط وإن كان عرض زوجتك تقدمآفأنت أبوالتقدم والريادة طز في اليمن أرضآوإنسانآ المهم ينبسط سيدك علي محسن وأسياده آل يهود

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى