كتّابمفكرون

“الإعتقاد وإعمال العقل”…


“الإعتقاد وإعمال العقل”

إنّ أمورا مثل الاعتقاد والإيمان والشك والظن والترجيح واليقين هي وظائف عقلية تحتل مكانها داخل الحالة الإدراكية للعقل الإنساني.

وتتشكل الحالة الإدراكية للعقل الإنساني وتنمو وتستمر بالنمو، بتأثير عوامل متعددة أهمها تراكم المعرفة والخبرات المكتسبة والبيئة المحيطة، وتتفاوت بين شخص وآخر، ولذا فإن أهم خصائصها هي الإنتقائية والاختلاف, وترتبط ارتباطا وثيقا بالنزعة الإنسانية وطبيعة النفس الإنسانية وانفعالاتها وما تشمله من توجهات وأهداف وغايات.

اقول هذا بمناسبة أنّ أي إعمال للعقل والبحث والتمحيص واستخلاص التاريخ الحقيقي للإسلام، يقابل بإستهجان وإمتعاض وهجوم من وقر في عقولهم ما وصل اليهم، وهم لا يعرفون كيف وصل اليهم، وهل هو حقيقي أم زيّفه أصحاب المصالح والطامحون للحكم والطامعون في رضا هؤلاء الطامحين، والخائفون من بطش الحكام، والمنافقون … الخ.

لقد طال الإسلام الكثير جدا من التزييف والتشويه وبشكل مكثف في الحقبة الأمويّة، وهي حقبة غنية بالحقائق المطموسة والأكاذيب البديلة، وقد ترتب علي ذلك أن بني عليها معظم ما وصل الينا من تعاليم وفتاوي، سببت هذه الحالة الإستثنائية في الحضارة الإنسانية، بكل ما تحويه من تناقضات وحيرة، وما ترتب عليها من ممارسات تعاني منها الإنسانية جمعاء.

الإسلام مثلا في جوهره يرفض قداسة الأفراد، وقد نص علي ذلك بلا كهنوت في الإسلام، ومع ذلك فإن التعرض لبعض الأفراد المشكوك فيهم, يقابل بهجوم شديد وقد استبدلنا الكهنوت، بعدالة الصحابة وكلاهما قداسة.

اتفهم جيدا صدمة البعض عندما يقرأ ما يخالف ما اعتقده لسنين طويلة، وأنا هنا لا أتعرض لجوهر العقيدة وتعاليمها الأساسية، ولكني أكرر أن ما نقل إلينا لم يكن خالصا ولا أمينا، ومن يتوفر له الوقت للقراءة والنفاذ الي حقيقة الأمور، سيكتشف ذلك، ومن لا يتوفر له هذا، فعلي الأقل لا تنكر حق الآخرين في البحث، وحجة أن هناك متخصصين هي حجة مردود عليها، فالدين هو أمر يتعلق بالجميع، والبحث فيه ليس حكرا علي أحد، خاصة وأن بحثنا يختص بالتاريخ الذي تم تزويره.

من هنا فإن فرض عقائد معينة علي الانسان بحكم مولده أو انتمائه دون أن يعقلها، هو شيء مجافي للعقل وللطبيعة الانسانية، ولا يتوافق مع انتقائية العقل التي تتباين بين شخص وآخر، ولذلك فإن تفاصيل الفكرة أو الإعتقاد ليست كلها قابلة للإعتناق والتصديق، حتي وان لقي جوهر الفكرة قبولا عقليا ابتداءا.

إن أهم ما يصف الصراع القائم بين التنويريين والأصوليين، هو أن يصرّ الأصوليون علي أن العقيدة مكانها القلب، وهو أمر غير علمي بالمرة فليس القلب بأكثر من مضخة للدماء، في حين أن العقيدة موطنها العقل بكل تفاعلاته التي أشرت اليها, ولا أفهم أن يصمم المتشددون علي أنك مطالب بتطبيق كل التعاليم المتواترة والمتعاقبة بصرف النظر عن صحة أصولها، كيف لو تعارضت مع العقل والمنطق, ويصفون من يبحث ويعمل عقله بالزندقة، فشعارهم من تمنطق تزندق, في حين أن المنطق هو الطريق الصحيح لإكتساب عقيدة قوية راسخة يتلوها حالة إيمانية مستقرة لدي كل شخص (علي حدة) تلزمه بكل ما هو طبيعي وعقلاني من تعاليم.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى