مفكرون

*******اعداؤك يا وطني *******…


*******اعداؤك يا وطني *******
الموضوع الثالث

مع حضوروصعود الصحوة الإسلامية في الثمانينات من القرن الماضي التبست المعارضة للحكومة بالتشدد الذي لم يقف عند حد معاداة السلطة الاستبدادية او المشايخ الرسميين، بل تجاوزه إلي معاداة المواطنين والمجتمع كله. ولم يكن مشايخ المعارضة الإسلامية أوفر حظا بالمبادئ والقيم المحترمة من مشايخ السلطان المستبد ، فقتلونا ، وحاكمونا ، وكفرونا ، وهددونا ، ومزقوا الوطن ، ودمروا السياحة بوحشية فضحتنا أمام العالم . وقد فعلوا ما فعلوا بادعاء الرسوخ فى العلم ومعرفتهم وحدهم بالمعاني الصحيحة للوحي الاسلامي، ليعودوا هم أنفسهم وليس أحد غيرهم ، ليكتشفوا أن رسوخهم الأول كان باطلا، وأنهم قد اكتشفوا رسوخا جديدا، ليكتبوا سلسلة المراجعات التصحيحية التي تحولوا فيها عن العمل المسلح إلي خوض العمل السياسي السلمي. ليوضحوا أن رسوخهم الثاني قد نسخ رسوخهم الأول ؟!.. ألا ترونهم…؟.. إنهم ينسخون ؟! إنهم يقلدون السماء… إنهم لا يشتهون النبوة فقط ،…. إنهم يشتهون الربوبية !! .
ومن ثم لم يعد لقب (داعية) قاصراً علي الدهاقنة الرسميين ، وإنما حازه أُمراء الجماعات علي كل صنوفهم, حتي تقدم هؤلاء للعمل بمهمة الفتوي ليبرروا جرائمهم بدورهم ، التي هي جرائم دموية بكل المقاييس ويعطونها شرعية سماوية مطهرة .
اذن لا مفر عن استنتاج أن الدين في حد ذاته لم يكن هدفا واضحا لصراع الشيوخ وانقسام الفرق وتعدد المذاهب. إنما كان الانقسام تسهيلا للشيخ كي يتمكن من السيطرة علي فريق من المسلمين يلتفون حوله ، يمدهم بآرائه تشريعا لوجوده ووجودهم مع ضمان الاستمرارية والتنفيذ، وضمان رسوخه في سدة الإمارة .
ويلاحظ المراقب قيام تنافس الكهنة حتي داخل الفريق الواحد علي الاستحواذ علي أكبر جمهور، باستخدام فنون الخطابة والبلاغة واللباقة ، مع سمت الورع الملائكي أحيانا ، أو سمت القيادي المقاتل الجسور أحيانا اخري . لكن جميعهم يقومون بعرض ما يرضي الجمهور ويحببه في داعيته المتبتل ، وبعد أن استوى لهم التمكين كشفوا عن خبيئتهم الشرية ونفوسهم الوضيعة أي أنه لما تمكن فجر فقاموا يقطعون الآذان ويحرقون الكنائس، مع الطعن في إيمان المنافسين ، وبعد أن كنت وحدي الكافر أصبح نصف المواطنين من الكافرين وأصبحت لي عزوة هائلة العدد تؤنس وحشتي في الكفر . ومن سطع نجمه أصبح مرغوبا فيه ، وذلك لشهرته وقدرته علي التأثير في العوام، فيصبح شريكا في حاشية السلطان الرباني محمد بن مرسي العياط ، وينال الوزارة والاستشارة والعضوية في كل المجالس الهامة من مجلس الرئيس إلى المجلس المحلي / مع السيادة والسعادة ، مع الهبات والإنعامات ، ويعيش فى الرفاة والحبوروالصبايا الحور ، أما الشيخ المقاتل فإنه عندما ينجح فانه يعيش كالخفافيش ماصة الدماء فى الكهوف والبوادى والأصقاع المتبدية فى كهوف تورا بورا أوقندهار أو بوادى الشام والعراق أو سيناء ، يطلب المزيد من الدم البرئ دون أن يشبع أبداً.
مع تبدل الأوضاع وتغير المشهد بعد 25 يناير المجيد ، أصبحت الظروف صالحة للبقاء في مصر الداخل مع تحويلها إلى قندهار الجديدة بل أصبحت هي موطن المهجر فعاد المجرمون القتلة إلى مصر بديلا عن تورا بورا مع استقبال واحتفاء إعلامي واسع ، وأفرج بن العياط عن السفاخين الذين تلوثت أيديهم القذرة بدماء الأبرياء ، ولم يفرج عن شباب الثورة الذين كانت دماؤهم سبيلا للإخوان وبن العياط في خكم بلد عظيم مثل مصر.
وكان اشتداد المنافسة عبر التاريخ وراء فتح الباب لفكرة (التكفير) والإقصاء كحل ناجح مع المعارضين، فقامت الفرق الإسلامية في الزمن الغابر لا أعاده الله تكفر بعضها بعضا،وقام كل طامع إلى السيادة يطرح تأويلة الخاص للدين وفهمة لة فى سوق الأطماع ، بتسويق فكرة مع تبديع وتكفيركل الفرق الأُخرى بحسبانة من يعرف وحدة الإسلام الصحيح . وعادة ما يبدأ التكفير المتبادل بين التأويل الجديد وبين سابقة ليصل إلى صدام وقتال. وفى تاريخنا ما كان أكثر القتال للوصول إلى السلطة بالدين ، بل أن تاريخنا ليس شيئا غير ذلك ، وما أشنع ما ارتكبوا من مجازر علنية حتى أُبيد بعد أل البيت النبوي فرق بكاملها مع كل ما أنتجت وقالت ، وبقى الفريق المنتصر وحدة سيداً . ولأنة انتصر فلا شك أنة كان على الحق ، ولأنة من يملك الحق فهو يؤكد أن الحق واحد فقط لاغير ، ومن ثم فغيرة هو الباطل المطلق ، وهكذا انتصر القتلة وأصبحوا أسياداً لنا . لقد جاءنا القتلة ومشايخ المنسر بالحق بعد أن أبادوا الباطل ومحقوة وسحقوة ، العباسيون ابادوا الأمويين وأخرجوا جثث من مات منهم حتى يجلدونهم ، ثم أين المعتزلة ؟ أين المرجئة ؟أين الجهمية ؟ أين المعطلة ؟ أين مؤلفات ابن الراوندى والرازى ؟ كانت الاباده تمتد إلى الفكرة . ان من يحكم الشارع المسلم والعقل المسلم اليوم فكر قاتل وسلطات قاتلة وتشكيلات عصابية التكوين قبلية القوانين طائفية عنصرية ، هو ما يسمي بالوهابية نسبة لمذهب بن عبد الوهاب الذى تحالف مع ابن سعود للاستيلاء على حكم الجزيرة ، و الذي يتم تعريفه بحسبانه تجديدا لمذهب الإمام أحمد بن حنبل . لذلك لا تجد مبدأ التكفير مرفوضاً في بلادنا أو مستهجنا ممجوجا ، بل هو يسير فينا مسري الأمراض المستوطنة، لانه لو لم يقم بن عبد الوهاب بتكفير بقية الفرق فلن يحصل على أتباع … لن يحصل على زبائن مادامت الفرق الأخري سليمة صحيحة، فالتكفير هنا أداة إعلان ، وأيضا وهو الأهم أنها أداة ترويج و تسويق يعمل بها لنفسة زبائن ….. لانه لو قال إن الشيعة والمعتزله والأشاعرة علي صحيح الدين فإنة سيترك مجالا للاختيار وربما ذهب الناس إلى هؤلاء وتركوه ها هنا قاعداً، إنها باختصار بلاغي ما قالة المثل الشعبي المصري : ” ما يكرهك إلا ابن كارك” ، ومن ثم كانت الاختلافات الحادة حتي أنهم لم يتفقوا علي الرب الذي يؤمنون به ،و بصفاته,، وذاته ، وكلامه مخلوق أم أزلي ؟ والنتيجة التكفير والتقتيل . وهي موضوعات صراع نخبة المسلمين المتخصصين، فما بالك بالعوام منهم؟ وهو المشهد ذاته الذي يتكرر اليوم بعد أن أصبحت تهمة التكفير السبيل لإخلاء الساحة لهم . وهو إخلاء لايتضمن وجود معارضة لأنها ليبرالية علمانية كافرة أوصوفية قبورية كافرة أو شيوعية ملحدة أورافضة مآلهم جهنم ، ولأن هناك فرقة واحدة ناجية والباقين هلكى ، إنه اسثمار للديمقراطية المشوهة المقصورة على صنوق هزلي يؤدي فيه المواطن امتحان الإيمان لينجح ويثبت إيمانه بإعطاء صوته لله .

#سيد_القمني
ادمن يوسف


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى