مجتمع الميم

إليوت بايج مستعد لهذه اللحظة – TIME – ترانسات Transat


"أنا متحمس جداً للبدء في التمثيل وأنا في هذا الجسد".. أليوت بايج
“أنا متحمس جداً للبدء في التمثيل وأنا في هذا الجسد”.. إليوت بايج

 

نقلاً عن مجلة “تايم”

ترجمة: آيفي ناصر

 

لا يتذكر إليوت بايج متى بدأ يطلب ذلك من أهله، لكنه يتذكر شعور القوي بالنصر عندما سمح له أهله أخيراً في التاسعة من عمره بقص شعره. “شعرت وكأنني صبي” يقول بايج، “أردت أن أكون صبي، وكنت أسأل أمي إن كان بإمكاني أن أكون صبي في يوم ما”. ترعرع بايج في نوفا سكوتيا، وكان دوماٍ يرى نفسه كفتى في ألعاب الأطفال الخيالية، في حرية تامة من الضيق الذي كانت تسببه له نظرة الناس إليه كفتاة. بعد قصة الشعر تلك أصبح الغرباء ينظرون له بنفس الطريقة التي كان يرى نفسه بها وأحس بأن هذا هو ما يريده، كما أنه في نفس الوقت كان أمر مشوقاٍ جداً.

 

لكن الفرحة كانت قصيرة الأمد، فبعد قصة الشعر تلك ببضعة أشهر حصل بايج على أول دور له كممثل: دور ابنه لأسرة كندية من عمال المناجم في الفيلم التلفزيوني Pit Pony. اضطر أن يضع شعراً مستعاراً، وعندما نجح الفيلم وصار مسلسلاً تليفزيونياً قام بإطالة شعره مجدداً. “أصبحت ممثلاً محترفاً في العاشرة من عمري” يقول بايج. والسعي وراء هذا الحلم صاحبه مقايضة كانت في حق نفسه “لأنه بالطبع كان علي أن يكون مظهري بشكل معين” يقول بايج.

 

تحدثنا في نهاية فبراير الماضي، كانت أول مقابلة صحفية لبايج -34 عاماً- منذ إفصاحه عن هويته الجندرية للعلن في ديسمبر الماضي في خطاب مؤثر على منصة انستجرام، وبمجرد أن سألت أول سؤال بدأ يبكي “أنا أسف سأكون عاطفي، لكن هذا لا بأس به، إليس كذلك؟” يقول هذا مبتسماً خلف دموعه.

 

إن الحديث عن الأيام التي سبقت إفصاحه عن هويته كان أمراً شاقاً بالنسبة إليه، حين سألته كيف يشعر. نظر بعيداً، تبدو رقبته مكشوفه بقصة الشعر الجديدة. وبعد صمت قصير، يقوم بوضع يده على قلبه ويغمض عينيه قائلاً: “إنه الشعور بالحماس، والامتنان الشديد لقدرتي على الوصول لهذه المرحلة من حياتي. ممزوج بقدر كبير من الخوف والقلق.”

 

إليوت بايج على غلاف مجلة تايم “29 مارس – 4 إبريل 2021”

 

ليس من الصعب أن تفهم لماذا قد يشعر شخص عابر في هذه اللحظة من حياته بهذه المشاعر المتناقضة.. الزيادة في التقبل المجتمعي، دفعت نسبة أكبر من الأشخاص الترانس اليافعين للخروج للعلن، 1.8% من جيل Z مقارنة ب0.2% جيل طفرة المواليد “طبقا لأستطلاع جديد أجرته شركة Gallup”. لكن هذا شجع أيضا المحافظين الذين يحفزون ويروجون للمخاوف حول “جنون العبور الجندري”. الرئيس بايدن أعاد حق أفراد الجيش العابرين في الخدمة في الجيش، وفي هوليود الأفراد الترانس يحظون بظهور غير مسبوق على الشاشة. لكن في نفس الوقت تحشد ج.ك رولينج كل رأس مالها الاجتماعي لرفض المساواة للأفراد العابرين، باسم النسوية، ومشرعي القوانين يتجادلون في ساحة الكونغرس حول صحة الهويات الجندرية. “الجنس أصبح كرة قدم سياسية في حروب الثقافات” يقول بايسلي كوراه أستاذ العلوم السياسة في جامعة بروكلين.

 

بايج الذي سحر أمريكا بدور المراهقة الحامل في فيلم جونو Juno، والذي شيد مهارب الأحلام في فيلم Inception، والذي يلعب الآن دورا في مسلسل الأبطال الخارقين لنيتفلكس The Umbrella Academy، ويصور الجزء الثالث من المسلسل حاليا في تورونتو، توقع أن خروجه للعلن سوف يقابل بكلاً من الدعم والكراهية. “كنت أتوقع الكثير من الدعم والحب، وكذلك قدر كبير من الكراهية والترانسفوبيا” يقول بايج. “وببساطة هذا هو بالفعل ما حدث” ما لم يتوقع هو حجم الصدى الذي ستسببه قصته. إعلان بايج جعله واحداُ من أكثر الأفراد العابرين شهرة حول العالم، أصبح “تريند” على تويتر في أكثر من 20 دولة. حصل على أكثر من 400,000 متابع جديد على إنستجرام في ذلك اليوم وحده. آلاف من المقالات تم نشرها. مشاركات وإعجابات وصلت للملايين. بودكاسترز محافظين “أعدوا خطاباتهم عن النساء في حمامات الرجال”. مخرجين يتواصلون مع مدير أعمال بايج ليخبروه بأنه سيشرفهم لعب بايج أدواراً في أفلامهم القادمة.

 

كان كل ذلك كثيراً على بايج، فعلى مدار حوارين معه، بايج سيقول أن فهم نفسه من جميع الجوانب سيبقى أمراً يحاول الوصول إليه. فهم الشخص للجندر الخاص به هوية فطرية، لكنها في نفس الوقت أدائية، واجتماعية. ثابتة لكنها في تطور وتغير مستمرين، وذلك أمر معقد، إن لم نضع في الحسبان الأضواء المسلطة عليه دائماً. لكن مع وصوله لهذه النقطة الفارقة في حياته بايج يشعر بمسؤولية مشاركة حقيقته. “العديد من الأشخاص المؤثرين بشدة ينشرون الخطابات المؤذية، كل يوم ترى وجودنا كأشخاص عابرين تحت أطار النقاش” يقول بايج “الأشخاص العابرون حقيقيون جدا”.

 

الدور الذي لعبه بايج في Pit Pony قاد إلى أدوار في أعمال أخرى، وفي النهاية في عمر السادسة عشر شارك في فيلم Mouth to Mouth، لاعباً دوراً لشابة أناركية صغير السن. حظي بايج بالفرصة لقص شعره مجدداً. هذه المرة حلقه بالكامل. الأطفال في مدرسته الثانوية ضايقوه، لكن في الصور التي نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي كان يبدو “مرتاحاً”. ظلت رأس بايج محلوقة حتى أرسل فيديو تجربة الأداء لفيلم الأكشن Hard Candy في 2005. الأشخاص المسؤولين عن اختيار الممثلين طلبوا منه أن يعيد التقديم وهو يضع شعراً مستعاراً. وعاجلاً ما عاد شعره الطويل مرة أخرى.

 

دور بايج القوي في Hard Candy، أدي إلي دوره بعد سنتين في فيلم Juno، الفيلم قليل الميزانية، المستقل، الذي جلب لبايج ترشيحات الأوسكار والبافتا والجولدن جلوب، وكذلك شهرة ساحقة ومفاجئة. الممثل الذي كان بعمر الواحدة والعشرين آنذاك كان يصارع التوتر الذي صاحب هذا الصعود في الشهرة، التزين اللانهائي، السجادات الحمراء، المجلات، كلها كانت تذكيرات مؤلمة له بعدم توافق نظرة العالم له مع نظرته لنفسه “لم أستطع قط التعرف على نفسي” يقول بايج. “ولوقت طويل لم يكن باستطاعتي النظر إلى صوري.” واجه صعوبة في مشاهدة أفلامه أيضا، بالأخص تلك التي لعب دورا “أنثوياً” فيها.

 

بايج أحب صناعة الأفلام، لكنه شعر أيضا بالغربة بسبب معايير هوليوود. علياء شوكت -صديقة مقربة لبايج وزميلته في فيلم Whip It 2009- قالت أن الاهتمام الذي حصل عليه بسبب Juno كان مخيفhW بالنسبة له “كان يمر بوقت عصيب مع وسائل الأعلام وتوقعاتها” تقول شوكت. “أرتدي هذا! يجب أن يكون شكلك هكذا! هذا مثير أكثر!”

 

وحينما ظهر في أفلام الشاشة الكبيرة مثل X- Men: The Last Stand و Inception كان بايج يصارع الاكتئاب والقلق ونوبات الفزع. يقول “لم أكن أعلم كيف أشرح للآخرين أنني بالرغم من كوني ممثلاً مشهوراً، فإن أمراً بسيطاً مثل ارتداء ملابس النساء يجعلني أشعر بشعور سيء” شوكت تتذكر مشاكل بايج مع الملابس: كنت أقول له “أنظر لكل تلك الملابس الجميلة التي ستحصل عليها” وكان يرد قائلا “تأشعر بأنها زي تنكري” تقول شوكت أن بايج حاول إقناع نفسه بأنه علي ما يرام، وبأنه شخص محظوظ للغاية بالوصول إلى ما وصل إليه، وبأنه لا يجب عليه التذمر. لكنه شعر بالإرهاق بسبب الجهد الذي تطلبه منه مجرد الوجود علي قيد الحياة، وفكر أكثر من مرة في اعتزال التمثيل.

 

في 2014 خرج بايج من الخزانة كامرأه كويرية، وبالرغم من شعوره لسنين طويلة بأن الخروج من الخزانة بهويته الحقيقة كشخص عابر جندرياً شئ مستحيل بسبب وظيفته. (الهوية الجندرية, والميول الجنسية هم بالطبع أمرين مختلفين لكن من الممكن أن تجتمع هويتان كويريتان مع بعضهما في نفس الوقت). في خطاب عاطفي في مؤتمر Human Right Campaign تكلم بايج عن كونه جزء من صناعة تضع معايير مدمرة للممثلين والمشاهدين معاً، “هناك معايير نمطية متجذرة عن الذكورة والأنوثة تحدد كيف من المفترض بنا أن نتصرف، ما يفترض بنا أن نرتديه وكيف يجب أن نتكلم” يقول بايج “وهذه المعاير لا تخدم أي أحد.

 

 

بدأ بايج بعد ذلك في ارتداء السترات علي السجادة الحمراء، وجد الحب، وتزوج مصممة الرقصات إيما بورتنر في 2018. أثبت امتلاكه التام لكل نواحي مسيرته المهنية، وصار ينتج أفلامه الخاصة، بقيادة كويرية مثل فيلم Freeheld و My Days of Mercy ووضع ارتداء الملابس الرجولية شرطاً له لقبول الأدوار. لكن الصراع اليومي قد أصبح غير محتمل “الفرق بين كيف كنت أشعر قبل خروجي من الخزانة وبعد ذلك كان كبير جدا” “لكن شعور عدم الارتياح في جسدي لم يفارقني أبداً.. أبداً”.

 

أحد الأسباب التي قادته للافصاح عن هويته كانت العزلة التي سببها وباء كورونا، فقد قاده ذلك للصراع بشده مع هويته الجندرية (بايج وبورتنر انفصلا الصيف الماضي، و تطلقا في بداية 2021. “ظللنا أصدقاء مقربين” يقول بايج “كان لدي الكثير من الوقت الخاص بي لأركز علي الأشياء التي كنت أتجنب التفكير بها بمختلف الطرق وبدون وعي” يقول أنه قد ألهمه أولئك العابرات الرائدات مثل جانيت موك ولافرين كوكس اللتان وجدتا النجاح في هوليود رغم أنهن يعشن كأنفسهن. وكذلك الكتاب العابرين الذين ساعدوه في فهم مشاعره، بايج رأي نفسه في مذكرات بي. كارلز الذاتية Becoming a man. وفي النهاية كان قد استطاع التخلص من الشعور بالعار وعدم الارتياح، وقاده هذا لاكتشاف نفسه. “استطعت أخيراً أنا أحتضن هويتي وأنا أتقبل كوني شخص عابر” يقول بايج “والسماح لنفسي بأن أصبح نفسي بشكل كامل”

 

هذا تبعه عدة قرارات. أحدها أن بايج طلب من الآخرين أن ينادونه باسم مختلف، إليوت، والذي قال أنه لطالما كان يحبه. بايج لديه وشم يقول E.P. PHONE HOME, اشاره لفيلم عن فتي صغير بهذا الأسم ” أحببت فيلم E.T عندما كنت صغيرا، وكنت دوماً أريد أن يكون شكلي مثل الفتيان الذين بالفيلم” القرار الأخر الذي أتخذه هو استخدام ضمائر مختلفة، فيستخدم كلا من الضمير “هو”، والضمائر الحيادية “هم/ن Them”. (حين سألته عن أي ضمائر يفضلها من أجل هذه القصة، يختار بايج “هو”)

 

اليوم الذي سبق مقابلتنا, بايج تكلم مع أمه عن هذه المقابلة، وأخبرته “أنا فخورة جداً بك يا ابني” وأصبح عاطفياً عندما تحدث عن ذلك، وحاول أن يفسر أن أمه هي أبنه كاهن ولدت في الخمسينيات وكانت دوما تحاول أن تفعل ما ظنت أنه الأفضل لطفلها، حتي إن كان يعني هذا أنها دفعت بايج في الماضي للتصرف كفتاة. “تريدني الآن أن اكون نفسي، وتدعمني بشكل كامل” يقول بايج “وهذا دلالة أن الأشخاص من الممكن بالفعل أن يتغيروا”

 

 

هذه الصور لبايج (من اليسار) في أعمار الخامسة، العاشرة، والسابعة، تظهر كيف كان يريد بايج أن يبدو.

 

 

قرار أخر كان قيامه بجراحة ال Top Surgery (جراحة إزالة الصدر). بايج تحدث عن هذا في بداية حوارنا، في الوقت الذي قام فيه بالافصاح عن هويته علي إنستجرام.كان يتعافي من جراحته في تورونتو. ومثل العديد من الأشخاص العابرين يؤكد بايج أن كون الشخص عابراً لا يتعلق بالجراحات فقط.

لبعض الأشخاص تكون أساسية، والبعض الأخر لا يحتاجونها، والبعض لا يمكنهم تحمل تكاليفها.

وفي معظم أنحاء العالم فإن تركيز وسائل الأعلام على الجراحات جعل من أجساد الأفراد العابرين محلاً للجدل، وهذا فتح المجال لأسئلة شخصية وغير لائقة. لكن بايج يصف الجراحة بأنها الأمر الذي سمح له بالتعرف علي نفسه أخيراً في المرآة، ووفر له شعورا بالسكينة كان ينتظره منذ جحيم مرحلة البلوغ. “غيرت حياتي بشكل كامل” كثير من طاقته بذل في محاولته أن يكون مرتاحا مع جسده، والآن قد استعاد كل تلك الطاقة المهدورة.

 

لمجتمع العابرين, الظهور لا يعني دوما التقبل. فحول العالم الأشخاص الترانس يواجهون نسب كبيرة من العنف والاضطهاد. وجرائم الكراهية ضد العابرين في نمو في المملكة المتحدة. بالإضافة إلي خطابات الترانسفوبيا المنتشرة في الجرائد والصحف في الولايات المتحدة، بالإضافة للصعوبات المتواصلة التي يواجهها الأشخاص الترانس مثل الفقر، وفقد المأوي. مجموعة جديدة من القوانين المقترحة من مشرعي الولايات من الممكن لها أن تجعل توفير خدمات صحية للعابرين صغيري السن غير قانونيا. والنكات الحمقاء التي مر عليها الزمن لا زالت في التداول، حين رفع بايدن حظر خدمة الجنود الترانس بعلانية، مقدم برنامج Saturday Night Live مايكل شي قدم قطعة في فقرة تحديثات الأسبوع حوله هذه السياسة “Don’t Ask, Don’t Tuck”

 

يقول بايج أن خروجه من الخزانه كشخص عابر كان أمراً أنانياً من ناحية واحدة: “أنه شئ فعلته لنفسي، أردت أن أعيش وأن أكون نفسي”. لكنه أيضا شعر بالالتزام الأخلاقي. حين نضع في الإعتبار الوضع الراهن، فإن الهوية البشرية معقدة وغامضة جداً، لكن السياسة تصر علي وضع كل شئ في قوالب. وفي حروب الثقافات الحالية فإن المعتقدات المحافظة حول الجندر – مثل الكرومسمات- شائعة جداً، ومتجذرة لدرجة أن العديد من الناس الذين يتمتعون بوجهات النظر تلك لا يضعون أبداً في الاعتبار احتمالية أن تكون تلك المعتقدات غير كاملة أو متحيزة. في 24فبراير، وبعد نقاش انفعالي حول التشريعات التي ستجعل التمييز ضد أفراد مجتمع الم.ع غبر قانونياً، قامت النائبة ماروجيري تايلور جرين، جمهورية من جورجيا، بتعليق يافطة خارج مكتبها تقول ” هناك نوعان فقط: رجل وامرأة!

 

اليوم التالي دكتور راشيل لافين، التي من المتوقع أن تصبح أول مسؤولة فيدرالية عابرة جندرياً تم التوثيق على تعيينها من مجلس الشيوخ، تعرضت لهجوم حاد من السيناتور راند باول حول “تشويه الأعضاء التناسلية” خلال جلسة استماع اعتمادها في مجلس الشيوخ. حواري الثاني مع بايج يحدث بعد فترة قصيرة من هذا الحدث. يتحدث عنه مباشرة، ويبدو حزيناً، ومصراً. يريد أن يؤكد أن الجراحة بالنسبة له لم تغير فقط من حياته للأفضل، لكنها أنقذت حياته أيضاً.” يحث بايج الناس علي أن يزيدوا من توعية أنفسهم نفسهم بحياة الأشخاص الترانس، أن يعلموا أهمية الخدمات الصحية لهم، لكي يفهموا أن عدم الحصول عليها هو أحد الأسباب الرئيسية في محاولات انتحار 41% من الأشخاص الترانس، طبقا لأحد الاستطلاعات.

 

بايج كان في خنادق الحرب السياسية منذ فترة، فأتجه للنشاط الحقوقي التقدمي بعد أن خرج من الخزانة كشخص كويري في عام 2014. صور هو وصديقه المقرب أيان دانيل مسلسل Gaycation، الذي استكشف الثقافات الكويرية حول العالم، وفي نقطة ما، عرض المسلسل بايج وهو يوبخ السيناتور تيد كروز في مهرجان ولاية أيوا حول الاضطهاد الذي يتعرض له الأشخاص الكوير. في 2019 قام بايج بإنتاج وثائقي يدعي There’s Something in the Water, والذي استكشف المشاكل البيئية التي تواجهها مجتمعات الأفراد غير البيضاء في نوفا سكوتيا ب350,000$ من ماله الخاص. هذا الصراع الحقوقي إمتد للصناعة التي يعمل بها: في 2017 نشر بوست على فايسبوك، بالاضافة لأشياء أخري، يتهم المخرج بريت راتنر بإخراجه قصراً من الخزانة، في موقع تصوير فيلم X-Men (لم يرد ممثل راتنر على طلب التعليق).

 

كشخص ترانس, أبيض اللون، غني، ومشهور، بايج يحظي بالعديد من الامتيازات، يصاحب ذلك فرصة لمناصرة أولئك الذين لا يتمتعون بمثل امتيازاته. أظهر استطلاع أمريكي عن العابرين وفقا لتقرير صدر عام 2015 أن الأشخاص العابرين غير البيض أكثر عرضة لعدم الحصول على وظيفة، وللمضايقات من الشرطة، ولرفض تقديم الخدمات الصحية. ما يقرب إلي النصف من كل الأشخاص السود الذين شاركوا في الاستطلاع أخبروا عن منعهم من الحصول علي معاملة مساوية،وعن تحرش لفظي\اعتداء جسدي في السنة الأخيرة. الأشخاص الترانس كفئة، حظهم هو  الأسوأ في هذه النواحي مقارنة بعامة السكان. “امتيازاتي سمحت لي بامتلاك مصادر النجاح في حياتي، وبأن أصبح في النقطة اللتي وصلت لها الأن” يقول بايج “وبالفعل أنا أريد أن استخدم أمتيازاتي ومنصتي للمساعدة بكل الطرق التي يمكنني المساعدة بها”.

 

 

منذ افصاحه عن هويته كان بايج هادئاً بشكل دائم علي منصات التواصل الاجتماعي. الاستثناء الوحيد كان عندما قام بكتابة تغريدة علي تويتر بالنيابة عن الـ ACLU، والتي تحارب حالياً تشريعات وقوانين مناهضة للعابرين حول البلاد، يتضمن تلك التي تريد حظر مشاركة النساء العابرات  في الرياضة النسائية. حاكم ولاية ميسيسيبي تاتي رييفس يقول أنه سيوقع هذا القانون لحماية الفتيات الصغيرات! بايج لعب كرة القدم المحترفة ويتذكر بشدة الألم الذي كان يشعر به عندما كان يخبره الناس أنه عليه أن يلعب في فريق الفتيات، بعد أن كبر علي الفرق المختلطة. وبعد التماس سمح له باللعب في فريق الفتيان لسنة أخري. الآن العديد من القوانين تذكر الأعضاء التناسلية كمتطلبات لتحديد من يلعب في أي فريق “كنت في نفس هذا الموقف كطفل” و كان أمراً مروعاً.

 

تلك المناصرة ليس من المرجح أن تجعل حياته أسهل “لا يمكنك دخول مساحات معينة كشخص ترانس معلن عن هويته من دون الاستعداد لبذل نسب كبيرة من حياته مهدداً ومعرضاً للمضايقات” يقول شايس سترانجيو مدير قسم العدالة للعابرين في ACLU. ومع أنه يبدو محبطاً في بعض الأوقات لكن بايج أيضا متحمساً. العديد من الهجمات السياسية علي الأشخاص العابرين سواء تلك الخاصة باستخدام الحمامات، أو الخاصة بحظر توفير الخدمات الصحية للأطفال الترانس، والتلميحات بأن الرجال العابرين هم فقط نساء ضلوا الطريق بسبب أرادتهم الحصول علي أمتيازات الذكور، كلها تحمل ضمناً نفس الفكرة: “أن الأشخاص الترانس خاطؤن حول هوياتهم”. “نحن نعلم من نكون” يقول بايج “هناك من يريدون يريدون التشبث بتلك الأفكار الجامدة حين يتعلق الأمر بالجندر لأن هذا يعطيهم الشعور بالأمان،لكن إن أحتفلنا جميعاً بالاختلافات والتعقيدات المدهشة لهويات البشر، سيصبح العالم مكاناً أفضل كثيراُ”

 

حتي أن يم يكن بايج ذا صوت فإن وجوده العلني وحدة يقول أشياء مؤثرة جداً. هذا يرجع بسبب جزئي بسبب ما يتحدث عنه الأستاذ بكلية بروكلين كوراه عن “تفاوت الظهور” فتاريخيا النساء العابرات حظوا بظهور أكثر من الرجال العابرين، في الثقافة وفي هوليود. وهناك تفسيرات عديدة لهذا: ثقافتنا مهووسة بالأنوثة. أجساد الرجال ليست مراقبة ولا تتعرض للانتقادات مثل أجساد النساء. الأشخاص البطريركين يميلون للانفعال حول من ينتمي لنفس الفئة التي تنتمي لها بناتهم “والعديد من الرجال العابرين لا يبرزون كعابرين” يقول كوراه, وهو عابر أيضاً “أعتقد أننا حظينا باهتمام أقل من المجتمع”

 

في أطار مقابلتنا، بايج أشار لنفسه عده مرات بـ”الفتي العابر” يصف نفسه أيضا بأنه لا ثنائي/ة الهوية الجندرية، وأنه كوير كذلك، لكن بالنسبة له العبور نحو الذكورة هو محور النقاش الآن

“أنها رحلة معقدة” ولا زالت في أطار التطور”.

 

وبالرغم من أن تفاوت الظهور أدي إلي تجنب الرجال العابرين بعض من الكراهية التي تتعرض لها النساء العابرات، عني هذا أيضاً أن الأشخاص مثل بايج كان لديهم أمثلة أقل ليقتدوا بها ” لم يكن لدينا أي أمثلة” يقول بايج أنه نشأ في هاليفاكس في التسعينيات، وكان هناك العديد من الأشخاص الكويرين الذين شعروا “بأن مشاعرهم التي شعروا بها بعمق ليست حقيقية لأنهم لا يرونها معكوسة عليهم أبداً في الواقع” يقول تيك ميلان، ناشط حقوقي وكاتب ورجل عابر، أن بايج يقدم هذا الأنعكاس: “يمكنهم أن يشهادونه ويقولون: أتعلم؟ هذا أنا أيضاً!” يقول ميلان “حين لا يكون هناك أمثلة، يصنع الناس منا وحوشاً”.

 

 

لعقود قامت هوليود (وهو ما عرضه مؤخراً الفيلم الوثائقي Disclosure 2020) بتصوير الأشخاص الترانس علي الشاشة كأشرار مخادعون، أو في قصص تراجيدية، أو كمزحة. ويعد علامة دالة عن كيف تغيرت نظرة تلك الصناعة أعمال مثل Pose، وشهره الرائدات مثل جانيت موك، نيتلفكس أيضا قامت بتغيير اسم بايج في مسلسل Umbrella Academy في نفس اليوم الذي نشر فيه خطابه علي وسائل التواصل، والآن حين تنتهي أي حلقة فإن أول كلمات يراها المشاهد هي “إليوت بايج”

 

واليوم هناك العديد من الممثلين والمخرجين والمنتجين العابرين واللاثنائي الهويةالجندرية. القصص التي تدور حول الأشخاص العابرين أصبحت أكثر شيوعاً، وصارت تقدم بطريقة تحترم الأفراد الترانس. وفي بعض الأحيان تكون الهوية الجندرية في تلك القصص أمر ثانوي لا محور قصة أخلاقية. ومع ذلك هوليود لا زالت تعتبر مكان مخيف لأفراد مجتمع الم.ع ولا تشجعهم علي الخروج من الخزانة. “أنها صناعة تقول لا تفعل ذلك” يقول المنتج سيلاس هاورد والذي حصل علي أول نجاح له في مسلسل أمازون Transparent والذي بذل جهود في توظيف أفراد عابرين في الإنتاج” أن لم يكن لديهم مبادرة خاصة بالعابرين لما حصلت قط علي الوظيفة” يقول هاورد ” وأنا دائما واعي لهذا”

 

 

فماذا يعني كل هذا لمسيرة بايج الوظيفية؟ فبالرغم من أن بايج ظهر في أدوار كثيرة لكنه أيضا واجه الصعوبات في الحصول علي الأدوار النسائية الرئيسية لأنه لم يتلائم مع معايير هوليود الضيقة. ومنذ خطاب بايج علي انستجرام يلحظ فريقه نشاطاً أكثر مما قد رأوه منذ سنين. وصار يحصل علي العديد من العروض للإنتاج والإخراج والتمثيل متعلقة بالأفراد الترانس، لكن هناك أيضا بعض أدوار “الرجال”.

 

الوقت الذي قضاه بعيداً عن العمل في الحجر الصحي ساعد بايج في تقبل هويته. “استطعت أخيرا أن أحتضن هويتي”. يقول بايج

 

 

إنجذب بايج لدور فانيا في The Umbrella Academy لأنه في الجزء الأول الذي عرض في 2019 فانيا كانت محطمة بكراهية الذات، مصدقة أنها الأخت الوحيدة العادية في أسرة استثنائية، الشخصية بالكاد تستطيع أن تستجمع الشجاعة للتحرك في العالم. “أحسست بالانتماء لفانيا ولكيف كانت منعزلة بشدة” يقول بايج. الآن في موقع تصوير الجزء الثالث من المسلسل، زملائه في العمل لاحظوا تغيرا؟من الواضح أن هناك ضغط كبير قد انزاح من علي كاهله” يقول مخرج المسلسل “ستيف بلاكمان هناك إشراقة وابتسام أكثربالنسبة لبايج العودة لموقع التصوير أشعره بالاطمنان، وإن كان غريباً في بعض الأحيان. نعم الناس يستخدمون الضمائر الخاطئة بدون قصد، سيكون هناك فترة للتأقلم، لكن زملاؤه في العمل يعترفون به.

 

 

النقاش حول إن كان بمقدور الأشخاص منسجمي الهوية الجندرية الذين جمعوا جوائز بشكل مستمر من لعب أدوار لشخصيات عابرة، في الاستمرار في أداء تلك الأدور تم حسمه. لكن الأشخاص العابرين نادراً ما يتم ترشيحهم للعب أدوار أفراد منسجمي الهوية. وأيا كانت المصاعب القادمة فإن بايج يشعر بالحماس حول لعب طيف جديد من الأدوار “أنا متحمس جدا للتمثيل، الآن وأنا نفسي بشكل كامل في هذا الجسد” يقول بايج “وأياً كانت المصاعب واللحظات الصعبة اللتي تتعلق بهذا، لا شئ يقارن بقدرتي علي شعور بما أشعر به الآن”. وهذا يشمل قصة الشعر القصيرة مجدداً. خلال مقابلتنا ظل بايج يعيد تنظيم خصل الشعر علي جبهته. عودته لكرسي الحلاق وطلبه قصة قصيرة أخذت وقتا طويلا، لكنه وصل إلى هناك. يبدأ بايج في البكاء ثم يبتسم ” لا يوجد شعور مثل ذلك”

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

آيفي ناصر.. مترجمة عابرة جندرياً

لقراءة النص الأصلي من المصدر باللغة الإنجليزية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



Source link

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى