قضايا المرأة

أعتقد أن السباق، على المدى البعيد، سيكون لصالح البلدان…


أعتقد أن السباق، على المدى البعيد، سيكون لصالح البلدان الديمقراطية والمجتمعات المرنة. أعرف أن ذلك يبدو إفراطا في التفاؤل حين ننظر حول العالم في الوقت الراهن، لا سيما ونحن نرى كيف تستخدم المعلومات الجديدة عن الكيفية التي نعمل ونسير بها بمهارة وبلا وازع من الحكومات وأقسام الشرطة، والجيوش، والخدمات السرية -كل تلك الاختصاصات من الإدارة التي يمكن اللجوء إليها للانتقاض من الفرد والسيطرة عليه.

في يقيني أنه الفرد دائما، على المدى البعيد، هو من يحدد الاتجاه العام ويقدم التطور الحقيقي في أي مجتمع.

ولكن ليس من السهل دائما مواصلة تقدير الفرد حق قدره في وقت يقمع فيه الأفراد في كل مكان ويحط من شأنهم ويغطى عليهم التفكير الجماعي، والحركات الجماعية، وعلى نطاق أصغر تفكير الجماعة.

يشق على الشباب على وجه الخصوص، مع كل ما يواجهونه من عقبات تبدو كالأسوار المنيعة، أن يؤمنوا بقدرتهم على تغيير الأمور، وعلى المحافظة على وجهات نظرهم الشخصية والفردية مصونة. أتذكر بوضوح كيف بدا لي الأمر وأنا في أواخر سني المراهقة وأوائل العشرينيات وأنا لا أرى سوى ما يبدو نظما منيعة من الفكر ومن العقائد -حكومات بدت لا تتزعزع. ولكن ماذا حدث لتلك الحكومات كالحكومة البيضاء في “روديسيا الجنوبية”، على سبيل المثال؟ ماذا حدث لتلك النظم العقائدية القوية مثل “النازية” أو “الفاشية الإيطالية” أو “الستالينية”؟ ماذا حدث للامبراطورية البريطانية… بل في الواقع لكل الامبراطوريات الأوروبية القوية حتى الأمس القريب؟ مضت جميعها، وفي زمن قصير حقا.

حين أنظر إلى الوراء الآن، لا أرى تلك الكتل الهائلة، والأمم، والحركات، والنظم، والمعتقدات، والأديان، بل أرى أفرادا فحسب، أناسا لعلي قدرتهم وأنا صغيرة، ولكن ليس باعتقاد كبير في إمكانية تغييرهم لأي شيء. حين أنظر إلى الوراء، أرى الأثر العظيم الذي يمكن أن يحدثه الفرد، حتى الشخص غير المعروف الذي يحيا حياة بسيطة هادئة. الأفراد هم من يغيرون المجتمعات، ويولدون الأفكار، هم من يقاومون تيارات الآراء ويغيرونها. ويصدق هذا على المجتمعات المنفتحة مثلما يصدق على تلك القمعية، وإن كان معدل الخسارة بالطبع أعلى في المجتمعات المغلقة. كل ما مر بي عملني أن أعلي من قيمة الفرد، الشخص الذي ينمي طرقه، أو طرقها، الخاصة في التفكير ويحافظ عليها، الشخص الذي يصمد أمام تفكير الجماعة، وضغوطها. أو الشخص الذي، رغم الامتثال بالقدر الضروري لضغوط الجماعة، يحتفظ في هدوء بتفكيره ونموه الفردي.

#دوريس_ليسنج

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

آيات عبد الدايم (AyAt Hassan)

مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى