كتّاب

أشهد لله، لو لم يقف شباب الإصلاح أمام الحوثي ماوقف أمامه أحد…


أشهد لله، لو لم يقف شباب الإصلاح أمام الحوثي ماوقف أمامه أحد ولا توقف في سهل ولا في جبل..
هذه شهادة لله وللتاريخ واحتراما لدم أولئك الشباب الأبطال الذين يقاتلون بصمت ويجوعون بصمت ويموتون بصمت، لا نعرف أسماءهم ولا نكترث لهم.
قولوا عني إصلاحي أو ابن ستين كلب، قولوا ما تشاء أحقادكم وقلوبكم المريضة، لا أهتم للكلام ولا أنتظر شهادة حسن سيرة أو صك وطنية من أحد.
أنا أتحدث عن أبطال الإصلاح في الجبهات، عن محاربين أشداء وعن جرحى مهملين وعن شهداء مجهولين، دعونا من إصلاحيين الفساد والأنانية ولهط الوظائف، ومن إصلاحيين الماضي وحبة السوداء والعسل، ومن إصلاحيين مواقع التواصل الذين ينبحون كالكلاب ويعضون كالأفاعي، دعوا أشباهكم في الإصلاح جانبا، تعالوا انظروا إلى سجلات الجرحى والشهداء والمختطفين، ربما تخجلون قليلا من اتهامهم في دمهم، ربما تكفون عن السخرية من حفظة القرآن الذين لم يحفظوا دماء قلوبهم ولم يدخروا أرواحهم، ربما أيضا تتعلمون من المدرسين قليلا من الرجولة والتضحية والاستبسال.
طوال سنوات الحرب ومواكب الشهداء تمضي بالالوف لا نفتش عن بطائقهم الحزبية، فيما شاهدت بعيني استنفار بعض الأحزاب رأس كل سنة للبكاء على أحد أعضائهم الذي لو فكر بعقولهم ما نال شرف الشهادة، بيانات حزبية ومراثي وعويل من الشعراء والصحفيين والناشطين والقوة الناعمة، معهم شهيد ولو علم الشهيد باحتقارهم لرفاقه لبصق في قلوبهم.

يا جماعة عيب، كيف نسمح لضعفنا أن ينال من كبرياء شهيد و انكسار جريح وبسالة محارب، كيف نترك أحقادنا تهزم من يشيدون المجد بالجماجم والدم .

الإصلاح كحزب، ساقط ورخيص وأناني واستحواذي مثل أحزابكم تماما، لكن التعميم دائما يسقط بنا في الوحل، يضعنا، يجعلنا تافهين، نحن جميعا لا أستثني أحد حتى نفسي.

قبل يومين سقط أهم قائد في صرواح، في أهم موقع، أستاذ سابق وقائد كتيبة المهام صادق الأخرم، سقط شهيدا قبل أفراده، واستشهد معه عمليات كتيبته زميلي وصديقي أحمد عبدالله مشهل، هؤلاء مثلا استماتوا في تبة الزبير بصرواح، سقطت المواقع من حولهم ولم ينكسروا، ماتوا كالجبال، لو أنهم انسحبوا لما عادت المواقع، لكن بقاء موقعهم يغصب الحوثي على الانسحاب، حاصرهم، لكنهم حاصروا حصارهم، وبالأمس هاجم من تبقى منهم الحوثي من داخل الحصار ودحروه، ذكرتهما هنا، القائد والعمليات، لأنهما مدرسان سابقان، لكن الفرق بيننا وبينهم كالفرق بين الشهيد والمفسبك الحاقد.

ضباط الحربية والطيران والشرطة أغلبهم مع الحوثي ، والذين انحازوا للشرعية يتسكعون في العواصم كالتائهات في الليل، المدرسون وجدوا فراغا فملأوه، لا نلوم شهيدا على دمه ولا مقداما على إقدامه، نلوم عجزنا وبهتان ألسنتنا.

أنا شخصيا، شاركت في هذا السقوط كثيرا، سخرت معكم، نلت من بعض الأبطال لكنني ندمت حين استشهدوا، كل معركة تأخذ من الرجال ما لو كنا جميعا في كفة وكان أحدهم في الأخرى لفاقنا وزنا ونبالة.

الإصلاح الحقير هو شريك أحزابكم الحقيرة، شريك أحزابكم في الهزائم والخيانات والمزايدات وأجنحة الفنادق وقرارات الوكلاء وطاولات القسمة، شريك التواطؤ والخذلان والنباح في الفيسبوك والشاشات.

في مأرب هذه الأيام، يحشد الإصلاح شبابه المساكين للجبهات، عمال بوافي وطلاب جامعة وأصحاب بسطات و ساكني خيام الجفينة، يذهبون للموت، يهزمون أو ينتصرون لا تفرق لدينا، سوف نلعنهم ونكفر بتضحياتهم ونسخر من جراحهم ونلعق دمهم ونشكك في قبورهم ونبصق على نعوشهم فوق كتوف قليلة تسير بهم للمقابر.

تعالوا شوفوا انكسار الشباب الذين انهزموا في نهم وفي الجوف.

شوفوا حسرتهم وذل الهزيمة في وجوههم، إنهم يموتون ألف مرة مع كل نظرة أو عتب.

هؤلاء الشباب هم ضحية قادتهم المعتوهين في هرم الحزب، وضحية التواطؤ عليهم من صنعاء إلى تعز إلى نهم إلى الجوف، ضحية تشفينا فيهم وفرحنا بهزيمتهم، ضحية الحقد والخبث والصراعات البينية التي أضاعت البلد.

بعد هذه الحقيقة سأخسر أصدقاء كثيرين، وسيرميني كل متحزب بعضوية الإصلاح، لكني لا أهتم لهم، أنا أقول قناعتي وأترك حذائي القديم بدل النقطة في آخر كل مقال أو بوست أو رأي.

أعطوني جبهة يملأها حزب من أحزاب الدكاكين الصغيرة، وسوف أصلي للحزب صلاة وليس مجرد ثناء بالكلمات، احشدوا مئة مقاتل لرفد قبائل جهم في صرواح وسوف نغير القبلة باتجاه مقرات أحزابكم.

نعرف كتائب الكتبة في الفيسبوك، لكن في الميدان لا كتائب ولا أفراد إلا الذين تأففوا منكم وتشاركوا مع رفاقهم في الحرب الخبز والمصير.

منشورات مريضة تابعتها خلال اليومين الماضية، تشفي وحقد، ينتظر أصحابها سقوط مأرب أكثر من الحوثي على أساس أنه سقوط للإصلاح، على أن الجيش في مارب إصلاح، على أن النازحين في مأرب إصلاح، على أن الرمل والحجارة في مأرب إصلاح.

يسخرون من الجيش والأمن في تعز، على أن كل ما له صلة بالدولة إصلاح، يعممون حالة المعتوه سالم على كل مدرس، ذلك لص شأن قادة أحزابكم، وفي الميادين آلاف الأبطال غير سالم والبحر.

نستطيع تأجيل خصومتنا مع الإصلاح لحين نخلص من الحوثي، لكن لا ينبغي أن ننتظر الحوثي ليخلصنا من الإصلاح، سنهزم الأصلاح بحبنا لليمن وكرهنا لممارساته وتفاهته واستغلاله للدين والوظيفة والتبرعات، لكن لا يليق أن نهزمه بالإمارات أو نرجم قتلاه بأحذيتنا التي اشتريناها بكرامتنا المهدورة بين يدي طويل العمر ويماعته.

لدينا ألف سبب لنكره الإصلاح، لكن ولا واحد من تلك الأسباب يبرر لنا النيل من الشباب الذين يفشخون قلوبهم في الأودية والجبال لكي ننام بهدوء.

لماذا لا تجيشون إذا كنتم تعتبرون الجيش الوطني إصلاح، افتحوا المعسكرات وقفوا في الجبهات لكي لا نحتاج للإصلاحيين والقبائل.

لا بأس، نحن فقط نهرج ونتقول، لكن البطولات يصنعها أصحابها كيفما كانت انتماءاتهم، يصنعها الشدادي والحمادي، يصنعها الذيباني وبحيبح، يصنعها بن عديو ورمزي محروس، يصنعها الأبطال في كل حزب ولكل اليمن.

أنا الآن أكتب من مأرب، مأرب التي يحيط بها الخطر، أكتب من بيتي الذي يبعد أقل من ثلاثين كيلو متر من مواقع الحوثي، ربما صارت المسافة خلال كتابة هذا المنشور أقل، أكتب من ملاذنا الأخير، أكتب وأنا أهم إلى أين سنذهب، وأي مدينة ستقبلنا دون أن تحاسبنا على لهجتنا ولون كلماتنا ومحل ميلادنا، أكتب من مأرب التي تحشرونها في جحر الإصلاح وتنتظرون سقوطها، أكتب وأنا أعلم كم من الشائم سيتركها المقرفون تحت هذا البوست أو في أنفسهم المريضة، أكتب وأنا أرفع الواسطة للإصلاح والمؤتمر والاشتراكي والناصري والرشاد والعدالة وحزب حسن زيد مدري ايش اسمه، أكتب لكي أتطهر من أحزابكم القذرة، أكتب للإصلاحيين في الجبهات، للإصلاحيين المنتصرين والمنهزمين، ولمن معهم من الأحرار، أكتب للأبطال المغمورين، للوجوه المتربة، للشعر المنكوش واليابس على الهامات العالية، أكتب للإصلاحي الذي باع ذهب زوجته لكي يطعمها، لا للإصلاحي الذي باع البلاد لكي يشفط الدهون من مؤخرة المدام، أكتب لأبو النور في هيلان وليس ليحيى صلاح في صامطة ، أكتب لنايف الجماعي وليس لسالم تعز، أكتب لعلي فلات في المجهول وليس لعدنان العديني في الرياض، أكتب لضميري وليس لمزاج الممول، أكتب قناعتي دون مراعاة لأيقونة بوسة أو صورة لزجة من ناشطة أو من رئيس حزب باسم مستعار لبنت من موزنبيق..

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

عامر السعيدي

أغنية راعي الريح

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى