كتّاب

أدب الجنازات والمواقد المطفأة


أدب الجنازات والمواقد المطفأة.
مروان الغفوري
ــــــــ
.. بينما كانت الشاعرة والروائية ميغان أورورك تجتاز عامها الثلاثين، ببطء شديد، أخبِرت أن أمها تعاني من سرطان قولون في مراحل متأخرة. قضت ثلاثة أعوام إلى جوار أمها، وكانتا جميلتين على نحو لا يصدق. تحت جرعات عالية من المورفين، واحد من أقوى خافضات الألم، جلست الأم والإبنة تخمنان ما تبقى للسيدة باربارا أورورك من عُمر. تجاوزت “ميغان” الشلل والصمت اللذين داهماها بعد وفاة أمها وراحت تدون حكايتها منذ الأيام البعيدة عندما قصت لها أمها، وهي في الخامسة، عن امرأة ذات خصلات شعر أرجوانية. في ٢٠١١ أصدرت ميغان أوروك عملها الجنائزي المهيب “الوداع الطويل”. لم تكن تنوي أن تكتب كتاباً، كما قالت. هدفت إلى علاج نفسها بالكتابة.

تحضر الكتابة، والفن إجمالاً، في تلك اللحظات الصعبة لتطرح نفسها كعلاج، وتكون إسفنجة الفنان التي تمتص كمده القاتل. كان قيس بن الملوح قد ساق واحداً من أشهر الاعترافات الفنية وهو ينوح ليلى الراحلة والبعيدة، والليالي الخوالي: “وما أنشد الأشعار إلا تداوياً”.

أدب الفقد، أو Memoir of loss, نشأ مع الخسارات منذ فجر التاريخ. تحول النواح البدائي، والألم المبكر، مع الأيام إلى نقوش وكلمات. كان الخاسر يقف وحيداً أمام طبيعة مترامية، مجهولة، وغير متعاطفة. وكان يخسر على الدوام، ثم اكتشف طريقة لينعي بها ذاته، أو يواجه كمده المُر. امتص الإيمان الجزء الأكبر من الكمد البشري، بالنسبة للإنسان العادي. وكان الوعد بحياة أخرى ولقاءات على الجانب الآخر من الموت كافياً إلى حد كبير لطرح تفسير لمسألتي الفقد والألم، ومداراة لهما. لم يكن التفسير الذي قدمه الإيمان، فكرة الألوهية ذاتها، للموت والآلام بالأمر اليسير بالنسبة لإنسان قليل العدد يجلس أمام ليل مليء بقوى الطبيعة الملغزة، والفراغ الهائل. لكن الفنان، وهو كائن معجون بالشك العميق والحيرة والتوتر، لم يجد في الإيمان كل الخلاص، فاخترع منجاته الخاصه ونموذجه الدوائي.

ما إن تلقى بول أوستر، الكاتب الأميركي، اتصالاً يبلغه رحيل والده المفاجئ حتى دار حول نفسه، وأحس بالخوف أكثر من الحزن. ها هو الموت صار يتمشى بيننا، وقد أخذ واحداً منا، قال لنفسه. في عامه السادس والثلاثين كتب أوستر مرثية على نحو خاص “اختراع العزلة” في وداع والده الراحل. لم يكن والده على وفاق معه ولا مع أحد من العائلة. نقب أوستر في حياة والده، قلب أدراجه، استعاد أوراقه المتربة، وسرد مرثية صادمة عن والده الراحل الذي كان يبصق على أبواب السيارة الزجاجية، ويستخدم أكثر الألفاظ انحطاطاً، ولا ينظف سريره. إنه كمد من نوع خاص يبكي الراحل من خلال سرد سيئاته كلها في كتاب واحد. لم يسبق أن نعى أحدٌ راحلاً بالطريقة تلك، غير أن أوستر يعود ويؤكد إن “اختراع العزلة” واحدٌ من أهم الأعمال التي أنجزها في حياته.

في جزيرة العرب، حيث يعيش الإنسان بين السماء والصحراء مستنداً إلى “الألوهية”، كما يلاحظ لامارتين، انتعشت الديانات والأشعار. عاش العربي متنقلاً بين الأمكنة، ولطالما ترك أماكن صباه وحبيبته الأولى إلى الأبد. تمالأ شعراء العرب القدامى على تخصيص الجزء الأول من قصائدهم لبكاء المنازل والديار، والنحيب على الأطلال. أنجز الشعراء العرب جنازة شعرية مهيبة تبدأ من ابن خذام، أول باكٍ للديار كما يقول امرؤ القيس، وحتى العصور الحديثة مع الهجرات الجديدة، والموت الجديد.

كانت القبيلة تتلقى التهاني إذا نبغ فيها شاعر أو ولدت فيها فرسٌ أو رزقت بطفل. وكانت مهمة الشاعر جسيمة، لا في مقاومة الأعداء وإبراز القيم النبيلة لقومه، بل فيما هو أبعد من ذلك: عزاء الراحلين والبكاء على المقابر، وتخليد الموتى ذوي الشأن. في مواجهة الفقد، وكان شأناً عربياً شائعاً، احتاج العرب إلى الشاعر.

فعندما عاد الأمير أسامة بن منقذ من مصر وجد مملكته في شمال سوريا وقد دمرها الزلزال في منتصف القرن السادس الهجري. ترحل بن منقذ بين قبائل العرب وحواضرهم يبحث عن ما قالته العرب في بكاء المنازل والديار، فجمع عملاً عظيماً أسماه “المنازل والديار”. دهش الأمير المثقف بالمخزون العربي العظيم من أدب الفقد، أدب الآلام، ووجد فيه مسرته الخاصة. ديار بن منقذ المهدمة، وقبور أهله، لم تكن سوى صورة صغيرة داخل مجرة الديار العربية المفككة، خيام العرب المتنقلة، ونفوق الأحلام والماشية في الطرق الطويلة إلى الماء، أو الحروب البربرية حول الكلأ. امتصت القصة العربية الكبيرة قصة بن منقذ، وامتص الشعرُ العربي كل تلك الحكايات والمآسي وسقعها.

في موازاة المأساة البشرية في أزمنتها الأولى وقف الشعراء ينعون مأساتهم الخاصة: رحيل المحبوبة. تغادر المحبوبة مع القبيلة إلى مكان آخر، وهناك تضرب القبيلة سياجاً حولها وتصبح شيئاً آخر، ومكاناً آخر. يتحدث امرؤ القيس عن حاله في الحي بعد رحيل الحبيبة مع أهلها إلى أماكن بعيدة، إذ يبدو والدمع يغرق نحريه مثل ناقف حنظل. بخلاف امرئ القيس، يتمكن عنترة من حبس الدمع يوم الوداع، ثم يسأل طير الدوح “كم مثلي شجا، بأنينه وحنينه المترددِ”. كانت القصيدة هي دمعة عنترة الكبيرة. لقد نشأ شعر الدمع منذ العصور العربية الأولى، وعرض المأساة الخاصة على طريقة أدب الفقد المعاصر Memoir of loss. وكانت دمعة الشاعر تسيل عند فراق الحبيبة أو موت الأهل. شكلت الخنساء أيقونة البكاء العربي أمام حالة الموت، بينما انفرد قيس بن الملوح بالنصيب الأكبر من دمع الفراق. في العمل المهم “الموت في الشعر الجاهلي” الذي أنجزه حسن عبد السلام نشاهد الشاعر العربي القديم وهو يقف في مبارزة غير منتهية مع الكون، الموت، وحوش الصحراء، الليل، والمواقد المهجورة. الشجاعة التي ملأت القصيدة العربية الجاهلية كانت محاولة من الشعراء للتماسُك أمام “فلاةٍ كأنها ظهر ترس”، على حد وصف الأعشى. وهناك، في تلك الفلاة الموحشة، كان الفقدُ سيد المكان في ذلك العالم العصي على الاحتواء. يجلس الشاعر، كناقف حنظل، ليدون.

إنها تجربة قاسية تلك التي يقضيها المرء في كتابة نصوص عن حبيبة راحلة، أو حبيب فقيد. فالفقد يترك المرء مشلولاً، فاقداً القدرة على الكلام. ذلك ما كابدته جويس أوتيس، الكاتبة الأميركية، وهي تراقب موت زوجها البطيء في الدور الخامس في المشفى، في الأزمنة الحديثة.
لقد بكته على طريقة الخنساء. في كتابها “قصة أرملة” بكت أوتيس كثيراً، استخرجت آلامها كلها ووضعتها على الورق وقد امتلكت، بصعوبة، الشكيمة والقدرة لفعل ذلك. وهي تودع زوجها، بعد ٤٧ عاماً من الزواج، كانت الأشياء تقف ضدها، وغريب يترك لها ورقة على سيارتها كتب فيها “تعلمي كيف تركنين سيارتك أيتها العاهرة الحمقاء”.

تجربة أوتيس تبدو شبيهة بمكابدة تشارلوته لينك. عاشت لينك مع شقيقتها المصابة بالسرطان السنوات الأخيرة. زارت معها المشافي، ورأت عينيها تذبلان. في كتابها “ست سنوات” دونت تشارلوت الكمد والخسارة، وفجرت دموعها على طريقتها. مثل كتاب جويس أوتيس قفز “ست سنوات” إلى قائمة الأكثر مبيعاً.

فدراما أدب الفقد تؤكد، على الدوام، واحدة من الخصائص السوداء للأدب: تربية السادية من خلال تحويل الألم إلى مادة ممتعة للغرباء. ولم تكن المعلقات السبع سوى مكابدات شديدة المرار لأصحابها.

أدب الجنازات والمواقد المطفأة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫37 تعليقات

  1. الفقد الذي حصل لنا خلال السنوات الأخيرة
    وخطواتنا خلف الجنائز المتعددة
    وحرماننا من رؤية جثامين من نحب وإلقاء النظرة الأخيرة
    والأنقاض
    وأطلال المدن والقرى والقصص التي عشناها، ستترجم إلى أدب عظيم.
    سنرفد الكتابة بألف قصة وقصة تماهيا مع الخراب اللعين.
    لنخرج سالمين من هذه الحرب.
    وبعدين نشوف
    :)

  2. 1/

    ‎بينما كانت الشاعرة والروائية ميغان أورورك تجتاز عامها الثلاثين، ببطء شديد، أخبِرت أن أمها تعاني من سرطان قولون في مراحل متأخرة. قضت ثلاثة أعوام إلى جوار أمها، وكانتا جميلتين على نحو لا يصدق. تحت جرعات عالية من المورفين، واحد من أقوى خافضات الألم، جلست الأم والإبنة تخمنان ما تبقى للسيدة باربارا أورورك من عُمر. تجاوزت “ميغان” الشلل والصمت اللذين داهماها بعد وفاة أمها وراحت تدون حكايتها منذ الأيام البعيدة عندما قصت لها أمها، وهي في الخامسة، عن امرأة ذات خصلات شعر أرجوانية. في ٢٠١١ أصدرت ميغان أوروك عملها الجنائزي المهيب “الوداع الطويل”. لم تكن تنوي أن تكتب كتاباً، كما قالت. هدفت إلى علاج نفسها بالكتابة.

    * ��
    ‎أدب الفقد، أو Memoir of loss نشأ مع الخسارات منذ فجر التاريخ. تحول النواح البدائي، والألم المبكر، مع الأيام إلى نقوش وكلمات. كان الخاسر يقف وحيداً أمام طبيعة مترامية، مجهولة، وغير متعاطفة.
    تحضر الكتابة، والفن إجمالاً، في تلك اللحظات الصعبة لتطرح نفسها كعلاج، وتكون إسفنجة الفنان التي تمتص كمده القاتل. كان قيس بن الملوح قد ساق واحداً من أشهر الاعترافات الفنية وهو ينوح ليلى الراحلة والبعيدة، والليالي الخوالي: “وما أنشد الأشعار إلا تداوياً”.
    �أدب الفقد، أو Memoir of loss نشأ مع الخسارات منذ فجر التاريخ. تحول النواح البدائي، والألم المبكر، مع الأيام إلى نقوش وكلمات. كان الخاسر يقف وحيداً أمام طبيعة مترامية، مجهولة، وغير متعاطفة. وكان يخسر على الدوام، ثم اكتشف طريقة لينعي بها ذاته، أو يواجه كمده المُر. امتص الإيمان الجزء الأكبر من الكمد البشري، بالنسبة للإنسان العادي. وكان الوعد بحياة أخرى ولقاءات على الجانب الآخر من الموت كافياً إلى حد كبير لطرح تفسير لمسألتي الفقد والألم، ومداراة لهما. لم يكن التفسير الذي قدمه الإيمان، فكرة الألوهية ذاتها، للموت والآلام بالأمر اليسير بالنسبة لإنسان قليل العدد يجلس أمام ليل مليء بقوى الطبيعة الملغزة، والفراغ الهائل. لكن الفنان، وهو كائن معجون بالشك العميق والحيرة والتوتر، لم يجد في الإيمان كل الخلاص، فاخترع منجاته الخاصه ونموذجه الدوائي.
    �ما إن تلقى بول أوستر، الكاتب الأميركي، اتصالاً يبلغه رحيل والده المفاجئ حتى دار حول نفسه، وأحس بالخوف أكثر من الحزن. ها هو الموت صار يتمشى بيننا، وقد أخذ واحداً منا، قال لنفسه. في عامه السادس والثلاثين كتب أوستر مرثية على نحو خاص “اختراع العزلة” في وداع والده الراحل. لم يكن والده على وفاق معه ولا مع أحد من العائلة. نقب أوستر في حياة والده، قلب أدراجه، استعاد أوراقه المتربة، وسرد مرثية صادمة عن والده الراحل الذي كان يبصق على أبواب السيارة الزجاجية، ويستخدم أكثر الألفاظ انحطاطاً، ولا ينظف سريره. إنه كمد من نوع خاص يبكي الراحل من خلال سرد سيئاته كلها في كتاب واحد. لم يسبق أن نعى أحدٌ راحلاً بالطريقة تلك، غير أن أوستر يعود ويؤكد إن “اختراع العزلة” واحدٌ من أهم الأعمال التي أنجزها في حياته.�

  3. 2/

    في جزيرة العرب، حيث يعيش الإنسان بين السماء والصحراء مستنداً إلى “الألوهية”، كما يلاحظ لامارتين، انتعشت الديانات والأشعار. عاش العربي متنقلاً بين الأمكنة، ولطالما ترك أماكن صباه وحبيبته الأولى إلى الأبد. تمالأ شعراء العرب القدامى على تخصيص الجزء الأول من قصائدهم لبكاء المنازل والديار، والنحيب على الأطلال. أنجز الشعراء العرب جنازة شعرية مهيبة تبدأ من ابن خذام، أول باكٍ للديار كما يقول امرؤ القيس، وحتى العصور الحديثة مع الهجرات الجديدة، والموت الجديد.
    �كانت القبيلة تتلقى التهاني إذا نبغ فيها شاعر أو ولدت فيها فرسٌ أو رزقت بطفل. وكانت مهمة الشاعر جسيمة، لا في مقاومة الأعداء وإبراز القيم النبيلة لقومه، بل فيما هو أبعد من ذلك: عزاء الراحلين والبكاء على المقابر، وتخليد الموتى ذوي الشأن. في مواجهة الفقد، وكان شأناً عربياً شائعاً، احتاج العرب إلى الشاعر. ��
    * ��
    ‎في موازاة المأساة البشرية في أزمنتها الأولى وقف الشعراء ينعون مأساتهم الخاصة: رحيل المحبوبة. تغادر المحبوبة مع القبيلة إلى مكان آخر، وهناك تضرب القبيلة سياجاً حولها وتصبح شيئاً آخر، ومكاناً آخر.
    فعندما عاد الأمير أسامة بن منقذ من مصر وجد مملكته في شمال سوريا وقد دمرها الزلزال في منتصف القرن السادس الهجري. ترحل بن منقذ بين قبائل العرب وحواضرهم يبحث عن ما قالته العرب في بكاء المنازل والديار، فجمع عملاً عظيماً أسماه “المنازل والديار”. دهش الأمير المثقف بالمخزون العربي العظيم من أدب الفقد، أدب الآلام، ووجد فيه مسرته الخاصة. ديار بن منقذ المهدمة، وقبور أهله، لم تكن سوى صورة صغيرة داخل مجرة الديار العربية المفككة، خيام العرب المتنقلة، ونفوق الأحلام والماشية في الطرق الطويلة إلى الماء، أو الحروب البربرية حول الكلأ. امتصت القصة العربية الكبيرة قصة بن منقذ، وامتص الشعرُ العربي كل تلك الحكايات والمآسي وسقعها.
    �في موازاة المأساة البشرية في أزمنتها الأولى وقف الشعراء ينعون مأساتهم الخاصة: رحيل المحبوبة. تغادر المحبوبة مع القبيلة إلى مكان آخر، وهناك تضرب القبيلة سياجاً حولها وتصبح شيئاً آخر، ومكاناً آخر. يتحدث امرؤ القيس عن حاله في الحي بعد رحيل الحبيبة مع أهلها إلى أماكن بعيدة، إذ يبدو والدمع يغرق نحريه مثل ناقف حنظل. بخلاف امرئ القيس، يتمكن عنترة من حبس الدمع يوم الوداع، ثم يسأل طير الدوح “كم مثلي شجا، بأنينه وحنينه المترددِ”. كانت القصيدة هي دمعة عنترة الكبيرة.��لقد نشأ شعر الدمع منذ العصور العربية الأولى، وعرض المأساة الخاصة على طريقة أدب الفقد المعاصر Memoir of loss. وكانت دمعة الشاعر تسيل عند فراق الحبيبة أو موت الأهل. شكلت الخنساء أيقونة البكاء العربي أمام حالة الموت، بينما انفرد قيس بن الملوح بالنصيب الأكبر من دمع الفراق. في العمل المهم “الموت في الشعر الجاهلي” الذي أنجزه حسن عبد السلام نشاهد الشاعر العربي القديم وهو يقف في مبارزة غير منتهية مع الكون، الموت، وحوش الصحراء، الليل، والمواقد المهجورة. الشجاعة التي ملأت القصيدة العربية الجاهلية كانت محاولة من الشعراء للتماسُك أمام “فلاةٍ كأنها ظهر ترس”، على حد وصف الأعشى. وهناك، في تلك الفلاة الموحشة، كان الفقدُ سيد المكان في ذلك العالم العصي على الاحتواء. يجلس الشاعر، كناقف حنظل، ليدون.
    �إنها تجربة قاسية تلك التي يقضيها المرء في كتابة نصوص عن حبيبة راحلة، أو حبيب فقيد. فالفقد يترك المرء مشلولاً، فاقداً القدرة على الكلام. ذلك ما كابدته جويس أوتيس، الكاتبة الأميركية، وهي تراقب موت زوجها البطيء في الدور الخامس في المشفى، في الأزمنة الحديثة. لقد بكته على طريقة الخنساء. في كتابها “قصة أرملة” بكت أوتيس كثيراً، استخرجت آلامها كلها ووضعتها على الورق وقد امتلكت، بصعوبة، الشكيمة والقدرة لفعل ذلك. وهي تودع زوجها، بعد ٤٧ عاماً من الزواج، كانت الأشياء تقف ضدها، وغريب يترك لها ورقة على سيارتها كتب فيها “تعلمي كيف تركنين سيارتك أيتها العاهرة الحمقاء”. �
    تجربة أوتيس تبدو شبيهة بمكابدة تشارلوته لينك. عاشت لينك مع شقيقتها المصابة بالسرطان السنوات الأخيرة. زارت معها المشافي، ورأت عينيها تذبلان. في كتابها “ست سنوات” دونت تشارلوت الكمد والخسارة، وفجرت دموعها على طريقتها. مثل كتاب جويس أوتيس قفز “ست سنوات” إلى قائمة الأكثر مبيعاً. ��فدراما أدب الفقد تؤكد، على الدوام، واحدة من الخصائص السوداء للأدب: تربية السادية من خلال تحويل الألم إلى مادة ممتعة للغرباء. ولم تكن المعلقات السبع سوى مكابدات شديدة المرار لأصحابها.

  4. تشعر بأنك لاتريد أن تتوقف عن القراءة …
    وجبه شهيه ..هي كتابات مروان الغفوري
    لا يمر يوم أزور فيه النت الا وازور صفحته لأرى وجبتي الجديده…
    وجل ما استغربه لماذا يكرهه البعض وهو يملك كل هذا الدهاء وكل هذه الحكمه في رسم الحرف وصياغة الكلمة المعبرة يشعرك أنك تعيش في واقع مايكتب وينتقي من الكلمات ما يلج إلى شيء ما في داخلنا لنقتنع بها حد الإيمان..

  5. حتى ان بعضهم خشي ان لا يتذكره أحد فضطر لأن يرثى نفسه مثل “مالك ابن الربيب”
    لا ادري أي قوة تلك التي تجعلك تقول نص وانت تدمي ليستمتع به غيرك

  6. لا يعقل ان يكون هذا المقال كاملا ولا يعتريه نقص في لفظة او فكرة او استنباط او علاقه رابطه بين بعض مكوناته !!!
    جميع المعلقين يصفونه بالرائع .
    اما أنك قد بلغت ذروة الكمال في الكتابة والإبداع ……. وإما أن جميع المعلقين شغالين وموظفين إعجابات وبغض النظر عن المقال .
    عدد محدود من المعلقين حاول ان يتفلسف ولا يكتفي بكلمة رائع لكنهم غردوا خارج السياق و بعيدا عن فكرة المقال .
    انا على يقين تماما ان الذين يبعثون الحياة لصفحتك ليسوا سوى( روبوتات ).

  7. فقدت موطني واعيش علي نعشه والظاهر اننا سنوارئ لمثوانا الاخير … فهل لدي وقت لاعيش الصدمه ومرحله الشلل النفسي والفكري واكتب مرثيتي في يمني الحبيب …
    كفايه_حرب#
    من_حقي_ان_أعيش#

  8. .وهي تودع زوجها وبعد47عاما من الزواج.كانت الأشياء تقف ضدها,وغريب يترك لها ورقة على سيارتهاكتب فيها “تعلمي كيف تركنين سيارتك أيتها العاهرة الحمقاء”.
    إبداااااااع يادوك .

  9. من هذه المدرسة الوكر تخرّج المدعو (مروان الغفوري ) وامثاله ممن يزعمون جزافا انهم كُتّابا وادباء وصحفييين وهم في الحقيقية مندسين على المهن والابداع ، محشوّون بثقافة الكراهية لمفهوم الهُويّة اليمنية الزّاخرة بالفكر والفن والادب والثقافة والتراث الاندر والاجمل في العالم .
    لا يكفيهم أن اليمن تعرّضت لاسواء اشكال التدمير لأثارها وفنونها وثقافتها وهُويتها الوطنية ومجتمعها منذ وطأت أقدام قوى التخلف الغازية ارض اليمن ، بل لا زالوا طامحين وبهمّة الثعالب الجائعة لتجديد الجروح وصبّ الملح على الجراح كل يوم .!!
    هكذا تم حشو رؤسهم منذ الطفولة !! تزيّنوا بالانفتاح الكاذب على مضض ، وبقيت معشعشة في رؤوسهم التلعيمات الحاقدة على اليمنيين وارضهم وموروثهم الحضاري .بقيت وحدها المقدّسة وما دونها كفرٌ بواح بالدين والمذهب المغلق على منتسبيه من فتية متهورين متطرفين عنيفين عصاة لأبائهم ووطنهم .!!
    حرصنا أن نتيح لمثل المسمّى ( الغفوري ) أن يبوحوا بارائهم بكل حرية . لكنهم أبوا ألا ان يكونوا اقنان لقادتهم وشيوخهم ،!! شجّعناهم على الحرية، على ان يتأنسنوا ، على أكتساب الادمية ، عسى ان يتخلّوا عن عصبيتهم وتقوقعهم في اقبية الظلام . عسى ان يتحرروا من عبادة وتقديس الفرد والشّخص الرّثْ .. دليناهم على طريق الحياة النظيفة والحرية الفطرية ولم يستجيبوا رغم سعة صدورنا واصرارنا على ان يكون بشرا وطنيون مهذبون لكنا تعبنا فما غرس في رؤوسهم قد استفحل علاجه.!!
    ذهبوا الى بلدان عريقة حضاريا ..شاهدوا تسارع قفزات التكنولوجيا المتطور والمبتكرة في كل لحظة ..تسابق العلماء من اجل رفاه الانسان ..رأوا المجتمعات المتعايشة المختلفة عرقيا ودينيا وسلوكا وجنسا وهوُية، اقتنوا مبتكرات المعرفة الحديثة والتقنيات المُخترعة كل لحظة ، لكنهم للاسف محقونين بفيرس لا شفاء منه ..الصداء في دمائهم .حريصون على ارتداء شباك عناكب الكهوف ُ وفي احشائهم ثمة رمل بالت عليه بعير عصور الظلام . ولم يشاهدوا سوى الغبار ..!!
    هذه الاوعية المتدهورة المسمى رؤس هولاء متصحّرة بامتياز. …لن تستجيب للعلاج ! لن تستجيب لسقيها بماء الحياة !! لقد تحجرت ..تكلّست منذ عصور وانجبت غرائر حصى بحجم بيض الديناصورات ..! حصى قاس قاس ومدبب كانياب الضباع ..حصى تفشى في طريق المارين السائرين في طريق التطور الانساني للحاق بركب الحضارات الحديثة ..
    تطاول هذا الكائن المسخ المدعو (غفوري ) عضوا قطيع ( البقّْ ) واسراب البراغيث والغربان .. تتطاوله على علمٌ يمني كبير وعبقري الموسيقى وموسوعة الابداع رسما وموسيقى وغناء وصوت مميز وفريد فنان الشعب ورمز ابداعه علي بن علي الانسي ليس بجديد ، شاهدوا هذا العمود في صحيفة الصحوة في الثمانينات بعنوان ( طاقات معطّلة ) رقم العدد والتاريخ واضح .. شاهدوا وستدركون حقيقة هؤلاء المتربين على الهدم باحقاد وضغائن مرعبة ..لقد تربوا على هدم كل شيئ جمالي يمني ..! وترصدوا بحقد دفين وبشكل خاص الموسيقى والمسرح والمراءة ايضا !
    أنهم اوبئة ولوتعلموا في أسلندا ..في هولندا ..في بريطانيا في النرويج في دول اسكندنافيا .ولو عاشوا في المانيا وبلدان الحريات الفكرية والشخصية . لن يكونوا بشرا ابدا . أنهم الغام في طريق الانسان واوبئة فتاكة لا يمكن الشفاء منها الا بتفكيك المعامل التي انتجت هذا الامراض المستعصى علاجها .. الامراض التي تفتك باالاجيال.
    فنان الشعب المرحوم علي الانسي لاتابه بلدغ ( الُكتن )
    دمت نبض قلوب شعبك . أقرأ الرد من الغباري

  10. سرد ممتاز لجانب مهم من تاريخ ادب البكاء على اطلال وطن او ذكريات رحيل حبيب وتحويل مأساة الشاعر والأديب الى اعمال درامية رائعة تخلد اصحابها.وهناك اعمال خالدة عبر اصحابها عن ماساتهم لفقد حبيب مثل البناء الضخم لتاج محل او ممتاز محل الذي به عبر الحبيب عن عظيم حزنه لحبيبته..تسلم د Marwan Al-Ghafory على هذا المنشور

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى