أثار صديق على الفيس بوك جدالاً حول العلاقة بين الأقباط…


أثار صديق على الفيس بوك جدالاً حول العلاقة بين الأقباط والمسلمين المصريين فى المهجر. وكشف هذا الجدل عن عدم فهم لدى الكثيرين عن تقاليد وقوانين المجتمع الأمريكى الذى يعيشون فيه. وهم فى ذلك لا يُلامون، فالسماء لا تمطر دولارات، والناس تكدح فى أعمالها لتحقيق أحلامها، ولا يترك ذلك لهم فرصة للتعمق فى الأفكار المجرده.

هذه هي ألِف-باء الموضوع: إذا كان فلان قبطياً لا يُكن مودة للمسلمين عموماً، أو مسلماً لا يُكن مودة للأقباط عموماً، فهذا أمر مستهجن يدل على ضحالة الثقافة ووضاعة الفكر، لكنه لا يخالف القانون الأمريكى. القانون الأمريكى لا يُجرّم الأفكار أو المشاعر مهما كانت قبيحه. بل أنه يضمن لصاحبها الحق فى التعبير عنها بالقول أو بالكتابة (*).

أما إذا فعل فلانٌ هذا (وكلمة ‘فعل’ هنا هي كلمة مفتاحية) أي شيئ لإيذاء الطرف الآخر، فهذه جريمة يعاقب عليها القانون. (ويكون العقاب أشد إذا ثبت أن الفعل كان نتيجة للكراهية العنصرية أو الدينية … إلخ.) دعنا نوضح ذلك بأمثله: إذا كان فلان (من حيث المبدأ) لا يحب معاشرة السود أو مصاحبة المسلمين … ، هذا يدل على أنه إنسان وضيع وغبي، لكن ذلك من حقه وليست فيه مخالفة للقانون. أما إذا حوّل مشاعره إلى أفعال، وعطل ترقية مرؤوسه لأنه مسلم، أو أحرق بيت جاره لأنه أسود، فهذه جرائم يعاقب عليها القانون. وتزداد العقوبة صرامة إذا ثبت أن الجريمة أساسها كراهية عنصرية أو دينية … إلخ.

إنعدام المودة، (أو حتى الكراهية،) هي “مشاعر”. مهما كانت هذه المشاعر سيئة ومستهجنة فهي مجرد مشاعر أو آراء ومعتقدات. أما الأفعال، مثل تعطيل الترقيات ومنع التعيين وقطع الرزق إلخ، فهي ليست مشاعر بل إيذاء حقيقي ملموس. وهذا هو ما نسميه إضطهاد (persecution). الكراهية لا تساوى الإضطهاد: الكراهية هي وضاعة وغباء، أما الإضطهاد فهو جريمه.

النقطة المحورية الأخرى هي أن الإضطهاد لا يأتى إلا من الذين يملكون السلطة. الروهينجيا، مثلا، قد يكرهون البوذيين لكنهم لا يستطيعون إضطهادهم لأنهم لا يملكون السلطة على ذلك. أما البوذيين الذين يملكون السلطه فيستطيعون إضطهاد الروهينجيا إذا أرادوا.

من لم يفهم حتى الآن لن يفهم مهما أطلنا فى الكلام، لذلك سأتوقف عند هذا الحد.
_______________________________

*) توجد بعض الإستثناءات المحدودة التى لا تغير من جوهر الفكره.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version