كتّاب

هل حقا لن تعود؟ أتمنى ألا يوجعك الموت كما أوجعني…


هل حقا لن تعود؟ أتمنى ألا يوجعك الموت كما أوجعني
تبغ وشوكولاته لزيزيت سالم
انتهيت هذا الأسبوع من قراءة تلك الرواية الجميلة ومناقشتها فى صالون الكاتب شريف العصفورى.
والرواية واقعية اجتماعية تدور أحداثها بين آخر سبيعينيات القرن الماضى ومابعد ثورة يناير 2011، وعلى الخلفية السياسية لتلك الفترة وسعى الحكومة للسيطرة على الجامعة وتجنيد شبابها وأساتذتها لخدمة النظام، ومبادرة السلام وأحداث صبرا وشاتيلا ثم ثورة يناير بتداعياتها، تدور قصص مجموعة من الفتيات والشباب فهناك: حبيبة التى تفقد الثقة فى حبيبها خالد فتضطر تحت ضغط المجتمع والأسرة بالزواج من مصطفى الذى تفاجئ ببخله وجموده وفظاظته، فتواصل حياتها معه ولكن بلا قلب وبلا روح
وهناك نهلة التى لم يكن حظها أحسن من حظ صديقتها حبيبة، فتواصل غربتها مع زوجها الدبلوماسى لتجمع إلى غربة الروح غربة الجسد عن الوطن فى مدينة الضباب لندن
وهناك هبة المتمردة الثائرة والتى تواصل تمردها فتهرب مع من أحبته وتزوجته بعيدا عن أبيها المحافظ، غير أنها سرعان ما تفشل وتعود مع رضيعها لتعانى تنكر ابيها وطرده لها وتموت فى حادثة بعد أن تركت ابنها وحيدا فى تلك الحياة التى لا ترحم، وهناك مروى القعيدة التى تحب وتعشق ولكنها تحجم عن اللقاء والتواصل
أما عن الشباب فهناك نادر الشاب الريفى المثقف الفنان الموهوب الناصرى الذى تستهدفه معتقلات السادات، ويقع فى حب نبيلة المسيحية وتفشل قصتهما، فيقرر فى النهاية الزواج التقليدى الذى يصيبه الجدب بدوره وتصبح زوجته لا تطيق رائحة ألوان الزيت التى تبقع ملابسه رغم انها أداته الرئيسية للحياة والإبداع، وأخيرا هناك عاطف الذى يعرف من أين تؤكل الكتف فيتزوج من بنت استاذه المقاول الثرى ويواصل البحث عن إشباع رغباته بعيدا زواجه القائم على المصلحة وحدها.
يعتمد البناء الدرامى للرواية على المشهدين المتوازيين أحدهما يقوم على فكرة السرد فتقدم كل فتاة حكايتها وتصف مشاعرها وجفاف حياتها، وهناك المشهد الحوارى وكأنه حوار مسرحى بين فتى وفتاه والذى يمتلئ بمشاعر الحب والوله والانتظار والدهشة والحماس والرقة وكل ما يعبر عن حالة حب متأجج بين حبيبين
واستخدمت الكاتبة فى كتابتها لغة فصيحة وبسيطة فى نفس الوقت فلم تسع لتقعيرها ولم تسع فى نفس الوقت للاستهتار بها واستخدام العامية
ومن وجهة نظرى فإن الإشكالية الكبرى فى الرواية هى إشكالية ذلك الإنسان الذى يتأرجح أبدا كبندول الساعة بين واقعه الجاف المجدب وبين سعية للحب والشغف والدهشة، لنفاجئ بأن الحوار الحميم والمتوله الذى كان يدور على صفحات الدردشة فى الفيس بوك كان يدور بين نادر من ناحية وبين ثلاث من بطلات روايتنا على الناحية الأخرى، إلا أنه لم يلتق منهم فى الواقع سوى حبيبة ولم يدم لقائهم سوى على مدى قبلة واحدة وعناق قصير وما كان له ليطول فسرعان ما مات نادر تاركا فى قلوب محبيه لوعة وأسى
وأنا لم أحب محاولة التفسير السطحى لعلاقة حب تجمع بين رجل وثلاث نساء والتى تدور حول تساؤل هل الرجال خونة وبلا ضمير بطبيعتهم أو أن تكوينهم النفسى يسمح بذلك، فقد أعتبرت أن العلاقة بينهم جميها علاقة خيال رومانسى وبحث دائم عن الحب وظمأ لا يرتوى بحثا عن العشق والدهشة


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى