مفكرون

Johnny B. Good | دروس في المنطق: ليس كل ملحد متنور وليس كل متنور ملحد اخترت هذا الموضوع


دروس في المنطق:

ليس كل ملحد متنور وليس كل متنور ملحد

اخترت هذا الموضوع رداُ على الكم الهائل من التهجم على اليسار والديمقراطية وحتى على مبادئ العلمانية ولما تحتويه المواضيع ذات طابع عنصري بغيض وتطرف يميني لا مثيل له والتي نشرت على مواقع التواصل الإجتماعي وتعتبر حالة من حالات ردة فعل بسبب الاحداث التي حصلت مؤخراً وهذا العقد الاخيرعلى الصعيد السياسي المحلي والمسرح العالمي,

ومن احد عوامل الاحداث المحلية والتي كان صداها عالمياً وهزت العالم فوز المرشح الديمقراطي الليبرالي باراك اوباما "ذو بشرة سوداء" من اصول افريقة ليصبح اول رئيس اسود في تاريخ امريكا والعالم الاوربي العلماني المتحضر بشكل عام ثم يعود تارة اخرى ليفوز بولاية ثانية ليثبت للعالم ان ترشيحه ليس مجرد صدفة وليس اتفاق مسبق من قبل اصحاب الرأسمال العالمي بل إرادة شعب حطم حائط العنصرية والكراهية باغلبية ساحقة.

صعود رئيس امريكي للرئاسة كما اشرنا سلفاً يشير الى ان العنصرية إتجاه السود او ذو البشرة السمراء مثل الشرقيين واللاتينيين وحتى الاسويين قد خفت نوعاُ ما بين الجيل الناشئ والذي سبقه كما القوانين للحقوق المدنية والمواطنة قد تساوت من ناحية الدستور والمفترض "القانون" وهذه نتيجة اليساريين والليبراليين والمتنورين من الامريكان الذين ركبوا موجة الصراع من اجل حقوق الإنسان وفرضوا في الستينيات من القرن المنصرم على الطبقة الحاكمة بتعديل الدستور والغاء القوانين التعسفية ضد الاقليات والاعراق وتبذ جميع مظاهر العنصرية.

وهذه الحقوق يا سادة التي نالها الشعب الامريكي لم تكن هدية من اليمين المحافظ على مصالح المحتكرين والجشعين بل كانت حصيلة صراع إجتماعي تنويري يساري دؤوب ضد الظلم والقمع الذي يطبل له جماعة المطبلين اليوم ليصبحون "بيض اكثر من البيض" ويمينيين متطرفين اكثر من المنظمات العنصرية التي تطالب سيادة الابيض على الشعوب، ويترحمون على الماضي الذي كانت فيه رجال الشرطة البيض يقمعون الاقلية العرقية من السود ويشنقونهن في الساحات العامة ويحرقونهم في وسط الشوارع ويحرمونهم من ابسط حقوقهم وتجد هؤلاء المطبلين في صفحات التواصل الاجتماعي يمجدون ويعظمون هذا التاريخ المظلم السيئ.

نعم فترة إحتكار اليمين المتطرف على الشرطة قد ولى ولكنه لم يسحق تماماُ لان العنصرية والكراهية تنتقل بالوراثة من جيل لجيل وتنتشر ايضاً بين المعدومين ثقافياً وبين بعض الأكاديميين والكثير من اتباع الاديان وخاصة اتباع الكنيسة الانجيلية والكنيسة المعمدانية وقسم غير قليل من اتباع الكنيسة الكاثوليكية، والشرطة وبقية أجهزة الدولة الامنية هم ليسوا غرباء عن المجتمع الامريكي و عاداته وتقاليده بل هم من نوات المجتمع نفسه وتاريخه المتسع بجرائم الكراهية والعنصرية.

الكراهية والعنصرية التي تروجها الكنائس والمنظمات العنصرية وجدت ضالتها بصعود مجموعة من اليمين الجمهوري الاكثر تطرفاُ بقيادة شخص مهزوز ودجال ادرك جيداً هيجان تلك النخبة الحاقدة بسبب وجود رئيس امريكي في البيت الابيض واستطاع التحدث بلسانها وتغذيتها بمزيد من العنصرية والكراهية ليكسب ثقتها العمياء واصواتها له وهو لا يزال يروج للكراهية متى ما كان في موقف محرج كما كان الحال مؤخراً في احداث فيروس كورونا وقتل المواطنين السود على ايدي الشرطة البيض.

الكثير من المثقفين والأكاديميين و المتنورين وحتى العاديين من الامريكان الذين لهم وعي وضمير سليم لا يرضون بما يحدث اليوم في امريكا والدمار الذي يخلفه اليمين الجمهوري المتطرف وهذه النخبة الواعية تدرك تماماً ما يحدث بأمريكا من كارثة لا مثيل لها, وهؤلاء من المتنورين والعاديين ليس بالضروري ان يكون جميعهم ملحدين, فالتنوير شيئ والإلحاد شيئ واعتقد ان الجميع يدرك الفرق ولا حاجة لإعادة ذكرها ولكن نستطيع ان نؤكد ان اغلب الملحدين متنورين لانهم وصلوا الى مرحلة من الادراك الوعي يرفض فكرة وجود شيئ اسمه "إله" او اديان او الدجلة الانبياء والرسل وإبن ما يسمى الله الذي صلب نفسه.

وذكرت سابقاً اثناء نقاشي مع المؤمنين ان الإلحاد لا يرتبط باي تنظيم ولا ايديولوجية ولا حزب والقاسم المشترك الوحيد الذي يربط الملحين هو نقض او دحض وجود فكرة ما يسمى “أله"، وهذا ما لاحظته مؤخراُ عن الكثير من الملحدين سوى كانوا في امريكا او العالم العربي او الغربي يختلفون مع بعضهم في السياسة والايديولوجية والعرف، ولهذا نجد بعضهم تتغلب عاطفيتهم التي تغتزل بفكر عنصري إما اتجاه عرق او دين, فالكثير من الملحدين من اصول اـ///ــلامية تجدها مؤيدة لليمين المتطرف ولهذا الدجال الساقط ترامب الذي عرف كيف يدغدغ مشاعر البسطاء ويتلاعب بعقولهم ويعلن نفسه بانه سيقارع الإـ///ــلام اينما وجد, وسيمنع الهجرة للمـ///ــلمين الى امريكا, ولكنه إذا فعلاُ كان يريد ان يحارب الإـ///ــلام وإرهابه فكان عليه ان يبدأ بمنع تداول القرآن الذي هو بؤرة الإرهاب, وقد لا يجد اي صعوبة بفعل ذلك لان المحكمة العليا سبقاُ ان منعت التداول بكتاب هتلر "كفاحي" تحت بند ما يحتويه الكتاب من عنصرية, والقرآن يحتوي العنصرية والكراهية ايضاُ وإضافة الى القتل والإرهاب.

ثم يظهر هذا الدجال ترامب مرة اخرى للاخرين ذو دوافع عنصرية اتجاه العرق الافريقي الاسود كمحارب ضدهم بحجة انهم يأخذون من المجتمع اكثر من ما يستحقون, وهذه من اقذر الافعال يبتدع بها الدجال الذي يعفي المليارات الدولار من الضرائب لاصحاب الشركات الكبرى ولكنه يتراكض على قطع المعونات المادية والضمانات الصحية من العوائل التي تستند عليها وهي بالاصل تعود تلك المساعدات المالية لعجلة الإقتصاد وتحسن الاقتصاد, اما الاعفاء او تخفيض الضرائب عن الاغنياء فلا منفعه لها لان اصحاب المال لا ينفقون اموالهم مرة اخرى للإقتصاد.

طبعاُ فاتنا ان نتحدث عن تمزيق ترامب للنسيح الامريكي وتشتيت المجتمع عن طريق بث سموم العنصرية إتجاه القوميات والاعراق الاخرى مثل اللاتينيين ومؤخراُ الاسويين تحت ذريعة ان الصين هي التي نشرت فيراوس كورونا في امريكا ولكي يتهرب من مسؤولية تقاعسه في الاحتواء على الوباء, وهؤلاء الجوقة من الملحدين الذين نجدهم يتهجمون على كل من يعاديه ترامب وكأنهم من الخدم العقائدي المطيع (ايام صدام المقبور), لينشر هذا الخدم المطيع.

لا بأس ان تكون ملحد ولكن في رأي اليوم ان المتنورالمؤمن افضل بكثير من الملحدين الغير متنورين, فعلى الاقل المتنور المؤمن يعرف كيف يلتزم بإيمانه ويجعله مسألة شخصية بينه وبين ربه, ولكن وصل الامر لبعض من الملحدين ان يتهجم على المثليين ويتهم اليسار بانه منح لهم حقوقهم وحسب ما افتهمت من نشره بان المثلية مرض سايكولوجي ادخله اليسار للمجتماعت العلمانية لكي يشتتها, ويظهر لنا شخصية ظريفة اخرى ليجعل من ضحية الإجرام العنصري على ايادي الشرطة البيضاء والذين الاكثرية منهم احفاد او ابناء شرطة الستينات التي كانت تقمع العمال والنقابات والسود,

ويشهر هذا الملحد الظريف سجل الضحية في محاولة منه تبرأة الشرطة البيض وجرائمهم العنصرية ويا ليته يدرك ان المسألة ليس السجل التاريخي لسيرة سلوك الضحية بقد ما هي الفعل المشين الذي قام به الشرطة البيض العنصرين وهذه الحادثة تحدث بشكل يومي في جميع انحاء امريكا ناهيك عن ما يقوم به المواطنين البيض من اتباع ترامب الذين يظهرون حقدهم وعنصريتهم على العلن لانهم يعلمون بان الموجود في البيت الابيض هو على شاكلتهم.

هؤلاء الجوقة من الملحدين تجدهم ينشرون عن اليسار بتهجم وهم بالاصل لا يعرفون شيئ عن اليسار غير ما يسمعونه عن سيدهم ترامب والبوق اليميني المتهوس في الفضائية, وهم لا يعلمون شيئاُ عن تاريخ اليسار في امريكا وما صبحت امريكا بفضله وكذلك الحال في اوربا, وهم ايضاُ لا يعلمون ان اليمين المتطرف استطاع ادخال الرأسمال في العلمية اليساسية ويسيطر على اكثر من اربعين بالمئة من مجرى الانتخابات, واتحدى اي واحد من هؤلاء الجوقة المهوسين بالعنصرية واليمين المتطرف ان يقدم لنا نبذه مختصرة عن ما حققه اليمين لحقوق الشعب غير امتصاص قوتهم.

Mazzin Haddad, 06/19/2020 Michigan / USA


Johnny B. Good

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى