كتّاب

عبد الملك الحوثي أم الخبائث…


عبد الملك الحوثي أم الخبائث
مروان الغفوري
ــــــــ

صيف ٢٠١٤ أطلق الروائي اليمني حبيب سروري على حركة الحوثي اسم “داعص”: الدولة الاسلامية في عمران وصعدة.

وهي تزحف خارج أسوار صعدة وتجتاح مديريات حجّة تجلت الحركة الحوثية في أوضح صورها: الجماعة الدينية التي لا ترتجف وهي تقتل، فقد أخذت تخويلاً من الرب.

استطاعت “منظمة وثاق للتوجه المدني،2013″ أن تتبع حدود بطش الحوثيين في صعدة وما حولها. كان التقرير الوحيد الأكثر شمولية ومعقولية في بلد المنظمات بلا عدد.
كان واضحاً منذ البدء أن الجماعة التي سورت أراض واسعة كمقابر قبل أن تخرج غازية هي جماعة لا حدود لعنفها وبربريتها.

في التقرير الذي أصدرته المنظمة ٢٠١٣ جاء:

ـ وثاق: أعدم الحوثيون ١٢ فرداً من أسرة واحدة بتفخيخ منزلهم أثناء تواجدهم فيه. بين القتلى نساء وأطفال.
ـ وثاق: قتل الحوثيون في مديريات حجة، ٢٠١١، عدد: ٥٩ طفلاً. أجابت المنظمة عن السؤال: قتلوا بدوافع انتقامية ولـ”اعتقاد الحوثيين أنهم سيثأرون لآبائهم”.
ـ وثاق: في العام ٢٠١١ قتل الحوثيون ١٢٤ مواطناً في مديرية كشر في حجة في ظروف غير قتالية! قتلاً مباشرا، بالدم البارد.
ـ وثاق: يملك الحوثيون ٣٦ سجناً سرياً في ست مديريات في صعدة.

بماذا تذكركم هذه الصور السوداء؟

صعدت الحركة الحوثية متحالفة مع صالح. الأخير وجد فيها مخرجاً عملياً للإطاحة بالثورة. لا علاقة للحوثيين بثورة فبراير. أما مساهمتهم في الثورة فكانت واحدة من عمليات الخداع البسيطة التي تجاهلناها جميعاً عن وعي. في السابق كنتُ قد تتبعت حركة الميليشيا الحوثية خارج أسوار صعدة وتوصلت إلى هذه النتيجة:
٢٠١١ كان العام الذي بلغت فيه حروب الحوثيين خارج صعدة ذروتها، وكذلك جرائهم. وبينما كان مخيمهم الرث في العاصمة يهتف بإسقاط النظام ويهاجم شركاء الثورة كانت تشكيلاتهم العسكرية تستكمل السيطرة على صعدة، تخوض حروباً شرسة في الجوف، تسيطر على مديريات حجة .. إلخ.

مضى الوقت سريعاً، ودخل الحوثيون صنعاء بالتحالف مع هادي وصالح. قبل دخول صنعاء بثلاثة أشهر كان رجل هادي القوي “الجنرال لبوزة” قد أحضر ممثلين عن الحوثين إلى مقر المنطقة الخامسة في الحديدة وطلب من الجيش، الذي اصطف ذليلاً وحائراً، أن يؤدي الصرخة. كانت المنطقة العسكرية الخامسة، التابعة لهادي وقائدها لبوزة، هي أول منطقة عسكرية في اليمن أدت الصرخة الحوثية. في تلك الأثناء كان الحوثيون لا يزالون في عمران!

عندما انطلق الحوثيون من صنعاء إلى إب نسفوا القرى بالمدفعية. القرى التي رأت الدخان والخراب استسلمت. في الطريق عثر الحوثيون على جثة لطفل اسمه أسامة بدير. كانت جثته ممزقة بين حطام منزل جده. فخخ الحوثيون جسد الطفل، عبأوه بالديناميت، ليتمكنوا من قتل مزيد من أهله الفارين.
لم تفعل داعش مثل ذلك، بعد؟
Oder؟

بعد عملية الحزم، التدخل العسكري العربي، جمع الحوثيون سياسيين وإعلاميين من منازلهم ومن الأسواق وكبلوهم، ثم ألقوهم في مخازن الذخيرة، في الجبال. يمكن تخيل المشهد المفزع كالتالي:

تكبل داعش أسراها ثم تطلق عليهم قذائف الكاتيوشا.
يكبل الحوثيون أسراهم ثم يطلقون عليهم قذائف مقاتلات إف ١٥!

قتلت مجموعة كبيرة من الساسة والناشطين السياسيين بالطريقة تلك، منهم أصدقاؤنا.

بالعودة إلى تقرير “وثاق” عن القتلى المدنيين في حجة وصعدة. توصل التقرير إلى نتيجة رياضية مذهلة: من حاصل كل تسعة قتلى “مدنيين” في صعدة وحجة قتل الحوثيون ٨، وقتلت قوات الحكومة واحداً (٦٥٥/٨٢ مدنيا)

سيسمي الحوثيون هذه النتيجة الرياضية: قضية صعدة، ومظلومية صعدة. غير أن الأرقام تقول أمراً آخر. أمراً مخيفاً ومفزعاً.

ذاق الحوثيون طعم الدم والجثث مبكراً، وصارت علاجاً لأرواحهم التي شوهتها الأوهام الدينية.
بالأمس قتلت داعش أقل من عشرة أشخاص بتفجير قاربهم. كان المنظر رهيباً لكنه أقل وحشية من المنظر الآخر الذي نحاول نسيانه:

في مايو الماضي فرت نساء وأطفال وعجزة من حي التواهي في عدن الكُبرى عبر البحر. استقلوا قوارب خشبية متجهين إلى عدن الصغرى، البريقى. بعد مرور دقائق قليلة على إبحارهم دمرت قذائف الحوثيين القوارب.. على قارب واحد اختلطت ٦٧ جثة بخشب القارب وملح المحيط.

يحاول صالح والحوثي استخدام دالة الأسد: داعش. المادة ٦٥ من التقرير الأممي الذي أفضى إلى معاقبة صالح بإجماع ١٥ دولة في مجلس الأمن، منها روسيا، أفادت بأن صالح اجتمع مع سامي ديان، أحد كبار رجال تنظيم القاعدة، وسلمه محافظة أبين في وجود وزير الدفاع. برزت المعلومة عبر تقرير لصحيفة الديلي تيليغراف بادئ الأمر، قبل أن يجري الكشف عن حيثيات العقاب الأممي ضد صالح.

القاعدة حركة إرهابية، يستخدمها صالح، ولا يخلقها.
الحوثيون جماعة متوحشة وبربرية، يستخدمها صالح ولا يخلقها.

فجرت القاعدة/ داعش مؤخراً أربع عربات مفخخة في عدن. لكن الحوثيين فعلوا أسوأ من ذلك:
لنتذكر أنهم ألقوا حتى الآن ما يربو عن ٤٠ ألف قذيفة مدفعية وصاروخية على أحياء مدينة تعز.
كما فجر الحوثيون في الضاحية الغربية لمدينة تعز عدد ٦٥ ألف أسطوانة غاز دفعة واحدة! كانت ليلة شبيهة بتشرنوبل!

بالنسبة لنا، نحن الشعب اليمني الذي خسر كل شيء، فنحن نواجه إرهاباً وجودياً، كتلة متوحشة محرّفة ذهنياً تحرق كل شيء، ولا تقبل سوى الإذعان الشامل.

الإذعان الشامل لن تناله تلك الجماعة البربرية، لن نذعن لها، ولن نجعل من إرهابي ضال وقاتل ملكاً.

سيندم العالم كثيراً لو تلكأ، أو تمالأ.

لا يخلق المرء مكتوب على جبهته “داعش”. داعش، أكرر، هي الاستجابة التاريخية القذرة للظواهر الاجتماعية والسياسية الأكثر قذارة.

يصرخ المتخصص في داعش، الألماني يروغين تودنهوفر، عبر شاشات أوروبا: بوش والمالكي خلقا داعش، لا تتجاهلوا هذه الحقيقة.

بينما يطل من باريس العالم المرموق أوليفيه روا ليقول للأوروبيين:
داعش ليست العدو رقم واحد للسعودية، ولا إيران، ولا نظام الأسد، ولا تركيا، ولا المعارضة السورية، ولا روسيا. في هذا الفراغ، فراغ ترتيب المصالح والأولويات تتحرك داعش، وتتمدد.

الصورة في اليمن تقترب من ذلك.
صالح وعبد الملك الحوثي يساهمان في نشوء داعش. وحالياً لن تكون هي العدو الأول لا للتحالف، ولا للحوثيين، ولا للمقاومة المسلحة، ولا للجيش الوطني، ولا للحكومة الشرعية، ولا لقوى المقاومة الناعمة..

ستتحرك في ذلك الفراغ، كما تحركت في فراغ ٢٠١١.

في ٢٠١١ كنا نواجه نظام صالح، مدفوعين بغريزة متحضرة مقدمين واحدة من أكثر صور الإنسان اليمني إشراقاً.
كانت القاعدة تتمدد جنوباً، والحوثي شمالاً.
تنشآن معاً، تتوازيان، تتبادلان الهجاء ولا تخوضان حرباً.

تستخدم داعش عمليات القتل البشعة كتكتيك، لا استراتجية. تفجر قارباً على ظهرة عشرة أسرى. على من يرى تلك الصورة، تقول داعش، أن يفكر ألف مرة قبل أن يواجهنا.

أما الحوثي فيفعل ما هو أكثر إجراماً. إنه يخلط التكتيك بالاستراتيجيا. بدلاً عن تفجير قارب أسرى أمام الكاميرات يذهب الحوثي إلى المدن والمحافظات ويجتاحها “بالعويلة والبنادق” تحت غطاء من القناصة وراجمات الصواريخ والمدفعية. يمنع الحوثي التصوير، يكفيه خبر صباح الغد يقول: سقطت المدينة “س” في يد الحوثيين.

النتيجة النهائية لحروب الحوثي:
تفكيك الدولة وتفخيخ المجتمع وغرس بذور الثارات واللااستقرار الاجتماعي لعشرات السنين.

النتيجة النهائية لعمليات داعش:
إحساس الجميع بالخطر، واشمئزاز العالم، والعمل المشترك لمواجهة البربرية..

بمعنى فيزيائي آخر:
فإن داعش، بصرف النظر عن طبيعتها، هي حالة زائلة. بينما تضرب الحوثية في عظام المجتمع اليمني وجيناته..

م. غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫41 تعليقات

  1. إذا كانت داعش قد وضعت ستة من البشر علي قارب بدائي وفجرته،فقد صنع الحوثيون من المدن النابضة بالحياة قاربا ووضعوا جميع النساء والاطفال والعجزة على متنه وقاموا بتفجيره بوحشية مفرطة..بل انهم صنعوا من الوطن كل الوطن ذلك القارب.
    أحسنت دكتورنا الحبيب.

  2. صحيح ماتقوله ولكن هي بلا إستثناء كل الجماعات التي تتلقى اوامرها من الرب يكون الاٍرهاب عمودها من الدولة الدينية في اسرائيل في شمال الجزيره إلى داعش والحوثيين وانصار الشريعة جنوباً فالدين بدون كنترول هو إرهاب بالمطلق .

  3. صحيح ان الحوثي اخطر بالاف المرات من القاعدة.لانه متغلغل في الجذور ويمشي عبر اوهام وهنا ك من يستسلم للاوهام وخرافات الحوثي باسم الدين لكن القاعدة تتحرك وتقف بامر من يستفيد منها وهي زائلة لان صورتها اكتملت
    بوجهها القبيح

  4. أن الصراع [في جوهره هو صراع ديني للاستحواذ على السلطة]، حتى و إن توارى و لم يظهر بعد إلى السطح سواء بقي اليمن فيدرالياً من إقليمين أو عاد إلى دولتي ما قبل 1990م. في الواقع إنه صراع بين قوى دينية مختلفة، كثيرة، متحفزة، بل و متحمسة، لحكم اليمن، يجمعها هدف واحد يتمثل في قيام دولة وفق معتقدها الإسلامي الخاص بها، و بالتالي يستطيعون من خلال هذه الدولة حكم الناس عبر الدين. [إنه بالضبط الصراع الدائم] بين حكم يستمد قوته من القانون المدني و تشريعات الدولة، و بين حكم يستمد قوته من القانون الإلهي و كتاب الله، و هو ما يجعل هذه القوى الدينية بالضرورة تقف معاً ضد قيام دولة مدنية حديثة تدير شئونها من خلال فصل السياسة عن الدين، مع أنها تتقاتل ضد بعضها البعض تحت حجج مختلفة مثل الدفاع عن الشرعية، أو الحرب ضد الغزاة، أو قتال التكفيريين، أو قتال الروافض المجوس، أو قتال الكفار المُلحدين.. الخ. http://www.al-mlab.com/Article/361812

  5. سياسياً: أي حكومة يُخيّل إليها أنها تتمتع بتفويض إلهي ستتعامل بحكم الضرورة مع نقادها، معارضيها، و [كأنهم كفّار]؛ و بالتالي غير شرعيين بطبيعتهم.
    معظم القوى الآن في اليمن تحارب باسم الدين و تحت يافطته العريضة تقاتل، في مجتمع كل مواطنيه من المسلمين، و كل قوة تستخدم الدين ضد القوة الأخرى و على نحو يتوافق و أفكارها، و من خلال استخدامها المساجد بطبيعة الحال تذهب علناً لتكفّر الأخرى: العدو.
    يحدث هذا على نحو واضح و صريح. و في حال انتصار إحداها لسوف نشاهدها تحكم بذات الأسلوب معتمدة الأفكار ذاتها. و تالياً يصبح مثل هذا المجتمع حاضنا للإرهاب و مُفرّخاً خصباً له. http://www.al-mlab.com/Article/361812

  6. الحوثي يقتل معارضوه لكن داعش يسبي ويقتل كل من في طريقه واعتقد الفرق كبير بين الفصيلين

    قد تجد الامان لاسرتك في حارة يحكمها الحوثييين لكنك لن تجد الامان في حارة يقطنها الدواعش.. لو سمعوا صوت اغنية ممكن يقتحموا البيت.

  7. هناك الكثير والكثير من المصائب الذي مازالت مخفيه ولم تظهر للعيان ماترونه الان من جرائم هوا فقط قمة جبل الثلج عندما ترون الباقي ستشعرون بحجم الكارثه

  8. ( داعش -و كذلك الحوثية- … هى الاستجابة التاريخية القذرة للظواهر الاجتماعية و السياسية الأكثر قذارة ) … السؤال : من اشعل تلك الظواهر في اليمن (السعودية) و من صب الزيت على نارها (نظام صالح) و من ساندها حتى شبت عن الطوق (امريكا) ؟

  9. بتبرر لماقامت به داعش في ابين في قتل الاسرى اليمنيين مبرووووك عليك داعش
    ياعم دكتور غفوري عقبال ماتظهر داعش في تعز عندها لانسمع لك اي كلمه وتقول دااعش تقتل ابنا تعز

  10. الحركة الحوثية…مبداها واضح (احكمك او اقتلك)..وللاسف منهج القتل وجدوا لة مبرر ومنهج ديني متمثل بالسيد الولي الحجة الذي لايخطا ..فما كلام السيد في منهجهم الا وحي وكتاب …والحقيقة الاكيدة ان داعش والحوثية وجهان لعملة واحدة وهي القتل…

  11. انا فخورك بك كا كاتب ومثقف وقاص ممتاز ولك حضور جيد فى الاعلام والنشر ..ويمكنك الكتابه عن توحيد لغة الثقافات بين اليمننيين والحد من الخطاب المتشدد والمنحاز لدواعي اي معتقد او طقوس يحاط بها الانسان ..مع تحياتي

  12. فهم اصحابك الاماراتيين ولا تطول علينا الكلام كاننا بمعسكر صيفي تؤدي خطبة على المشاركين فية كلام انشائي غير مقبول ايش تقدم انت غير الكلام انتقل للفعل انت عند جد الالمان ماذا تقول لهم ايش غيرت في من تعايشة منهم اي صوت لك كلام في كلام الفة في روايات افضل لك وانزلها للبيع بالاسواق نريد شباب اكتيف وليس شباب روابات وفانتازية خصص ولو مرة معرض لجرائم الحرب وانقل بكل سهولة صور
    تلك الجرائم وبلا هرجلة والناس يعانون هنا لوعرف الالمان اسلوبك لما تقبلوة تقول كلام من بلادهم عن بلدك مثل صمام فاكاووم موضوع بالزاوية بلا استخدام انت تبحث عن شهرة مرض نفسي يتملكك من الداخل بتخيل روائي فج لبس الا

  13. نعم العالم لا يرى إلا قارب داعش الذي اغرق فيه اسراه ويرى سجنه الذي أودع فيه شخصا ثم أضرم النار فيه. وغيرها من الجرائم الذي يتفنن داعش في إنتاجها وترويجها
    لكن هذا العالم لا يعبأ ب 25 مليون مواطن أودعهم إرهاب الحوثي في قارب كبير واحال حياتهم إلى جحيم ..
    يتعامى ذات العالم عن جرائم الحشد الشعبي والميليشيات الطائفية عن قتل مئات الآلاف وتشريد الملايين في العراق وسوريا
    ريما لأنها لم تنال حظها من الإنتاج الهولويدي لتبث الرعب كما ينبغي في قلوب متابيعيها .

  14. جميل هذا المقال يا دكتور فنتازيا عاليه
    واقع مرير وكأنك متوجد مع هذولاء الطغات ترقب بطرف عينك ما يحدث
    جعلت الكلامات متناسقة
    وكأنها لعنات تخيطها ظد الجهل والظلام والميليشيات اللعينة
    بي التوفيق

  15. اولا يا مروان الغفوري انت تكذب ولا تستحي كون منظمة وثائق اصلاحيه من الطراز الاول تتكلم فقط عن جرائم الحوثي وعفااااش ولا تجد في موقعها جريمه واحده للطيران …http://www.wethaaq.org/index.php?pageNum_comment=0&ac=sub&d_f=60&lang_in=Ar كيف تستند على موقع كله خرط وبرط وهلس وتنشره لقرائك بدون حيا هذا استخفاف للمتابعين بتاعك او كلهم احمره زيك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى