محسن : إن الأنبياء قد جاءوا من السماء بخير الحلول ! …..


محسن : إن الأنبياء قد جاءوا من السماء بخير الحلول ! ..
إيفانوفيتش : أنبياؤكم أنتم ؟! .. نعم هذا من الجائز ! .. إن الشرق قد حل المعضلة في يوم ما .. هذا لا ريب فيه ؛ إن أنبياء الشرق قد فهموا أن المساواة لا يمكن أن تقوم على هذه الأرض ، وأنه ليس في مقدورهم تقسيم مملكة الأرض ، بين الأغنياء والفقراء ؛ ـــ فأدخلوا في القسمة “مملكة الأرض” ، وجعلوا أساس التوزيع بين الناس “الأرض والسماء” معا ؛ فمن حرم الحظ في جنة الأرض ، فحقه محفوظ في جنة السماء ! .. ولو إستمرت هذه المباديء ، وبقيت هذه العقائد حتى اليوم ، لما غلى العالم كله في هذا الأتون المضطرم ، ولكن “الغرب” أراد هو أيضاً أن يكون له أنبياؤه “الذين يعالجون المشكلة على ضوء جديد” وكان هذا الضوء منبعثاً هذه المرة ، من باطن الأرض ، لا آتياً من أعالي السماء … هو ضوء العلم الحديث ؛ فجاء نبينا “كارل ماركس” ومعه إنجيله الأرضي : “رأس المال” ، وأراد أن يحقق العدل على هذه الأرض ، فقسم “الأرض” وحدها بين الناس ونسي “السماء” فماذا حدث ؟ … حدث أن أمسك الناس بعضهم برقاب بعض ، ووقعت المجزرة بين الطبقات تهافتاً على “هذه الأرض” !! .. لقد ألقى قنبلة “المادية والبغضاء واللهفة والعجلة” بين الناس ، يوم أفهم الناس أن ليس هنالك غير “الأرض” ـــ يوم أخرج “السماء” من الحساب ؛ لأن علم الاقتصاد الحديث لا يعرف السماء ! … أما أنبياء الشرق فقد ألقوا زهرة “الصبر” والأمل في النفوس يوم قالوا للناس : “لا تتهالكوا على الأرض ؛ ليست الأرض كل شيء ! … إن هنالك شيئاً آخر غير “الأرض” سيكون لكم شيء آخر يدخل في “التوزيع” ! … إن الإنسان لا يحيا من أجل الخبز ، كما أنه لا يعيش من أجل الخبز وحده … آه ! إن أنبياء الشرق هم العباقرة حقاً !! …
إن روح “المسيحية” كما نبعت في الشرق : هي المحبة ، والمثل الأعلى ، وروح “الإسلام” : الإيمان والنظام . ومسيحية اليوم الجديدة في الغرب : هي “الماركسية” وهي كذلك لها مثلها الأعلى : ـــ لا في محبة الناس بعضهم بعضا ، وتبشير الفقراء “بمملكة السماء” وحضهم على إعطاء ما لقيصر لقيصر ، وما لله لله ؛ ـــ بل بإغرائهم بمملكة ، تقام على أنقاض طبقة ، وأشلاء طبقة ونصحهم بالهجوم على قيصر ، وأخذ ما لقيصر ! … وإن “إنجيل” هذا الدين : كتاب “رأس المال” تجد أيضاً في بعض صفحاته تنبؤات مخيفة ؛ كتنبؤات “يوحنا” في رؤياه ؛ ـــ ففيه توعد بانهيار العالم ، وحلول عالم آخر قوامه العمال وحدهم ! … أي أجسام تسير بغير رءوس فوق مناكب ؟! … يا له من حلم مخيف ! …
أما “إسلام” العصر الحديث في الغرب : فهي “الفاشية” ، وهي كذلك لها طابع الإيمان والنظام ! … إيمان لا بالله ، بل “بزعيم” من البشر ونظام لا يؤدي إلى التوازن الاجتماعي بالتواضع والزكاة ؛ ـــ إنما هو نظام فرضته يد الارهاب ؛ ليؤدي إلى مطابع الاستعمار ، والوثوب على الضعيف من الشعوب ! … ولهذا الدين أيضاً “كتابه” وخطبه “المنبرية” الملتهبة ، لا بحرارة عقيدة سماوية ، ولكن بحرارة قوة حيوانية ، وشراهة دموية ! … آه أيها الصديق … تلك هي الديانات التي استطاع الغرب أن يخرجها للناس ؛ ـــ يوم أراد أن يزاحم الشرق ويخرج أدياناً ..!

لـ #توفيق_الحكيم
(( عصفور من الشرق ))

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version