كتّاب

مروان الغفوري | إيطاليا تفعلها، وتنجح. هل هي ذاهبة، بالفعل، في طريق النجاح؟


إيطاليا تفعلها، وتنجح. هل هي ذاهبة، بالفعل، في طريق النجاح؟

الإغلاق العام، حظر التجوال، التباعد، العزلة .. هذه الإجراءات جلبت شيئا، جلبت الضوء. قال مدير دار للمسنين في لومباردي:
"أخيرا رأينا ضوء في النفق، غير أن النفق طويل جدا جدا".

في السايع من مارس تزايدت الحالات بنسبة ٢٧% عن السابق. وفي الاول من أبريل حدث تزايد بنسبة ٤% عن اليوم السابق. توصلت إيطاليا لهذه النتيجة بعد إجراءات شديدة القسوة Draconian measures .. لقد أفشلت رغية الفيروس المتوحشة في التكاثر والانتشار.

تؤكد البيانات القادمة من أماكن كثيرة من العالم أن الإغلاق العام والتباعد/ الفردانية الاجتماعية استراتيجية فاعلة ضد هذا اللون من الوباء.. اليابان مثالا. إيطاليا. ألمانيا. الدراسات التي أجريت على حركة الأوبئة في التاريخ (مثلا: ج. داياموند) لاحظت أن الوضع الأفضل للأوبئة هو الازدحام السكاني.

علينا أن نعترف بالمشكلة إذا أردنا أن نحتويها، ثم لنواجهها بكل شيء. الإنكار يكلف المجتمعات حياتها. تعلمنا هذا الدرس من ووهان ولومباردي، حيث كلفة الإنكار تجاوزت كل حد.

مدينة إيسن، حيث أعيش، تقدم مثالا:
تصاعدت الحالات مطلع الشهر الماضي. في البدء عاد شاب نشط من تيرول، في النمسا، كان هناك للتزلج أو لرياضات أخرى. تصاعدت الحالات حتى تجاوزت ال ٤٠٠. العزلة، الفردانية، إيقاف الحياة الجماعية .. والوعي بالكارثة كل ذلك دفع الأرقام إلى الأسفل. نحن اليوم عند الرقم ٢٧٢.

من خلال الإغلاق العام للحياة الجماعية امتصت دولة كبيرة مثل ألمانيا الصدمة، وإن كانت المنحنيات لم تظهر بعد التنازل الذي نشاهده على البيانات القادمة إيطاليا. قالت مقالة نشرت بالأمس على NEJM إن دولة كبيرة مثل أميركا ليست فقط قادرة على تخفيض المنحنى وإنما سحقه. وحددت عشرة منطلقات لذلك، كلها تعتمد على إعادة هندسة حياتنا الجماعية، تفكيك الجماعة البشرية، تشريح خارطة الوباء، وخلق المسافات .. بغية امتصاص الصدمة ومنع الفيروس من فرصة التكاثر والانتشار.

مرفق بهذه التدوينة بيانات من إيطاليا توضح انخفاضا واضحا في قدرة كورونا على الانتشار هناك.

وصورة من ألمانيا، حيث الفرق المذهل بين ما كان يمكن أن يكون عليه المشهد لو لم تتخذ الإجراءات، والحقيقة الآن.

يقول الطليان إنهم لن يفتحوا الأبواب في الأسابيع القادمة وسيواصلون العزلة والإغلاق مهما كانت الأرقام جيدة. فعلا.

وتخوف باحثون في مجلة النيتشر من إمكانية حدوث موجة وباء جديدة قادمة من الصين إذا ما فتحت الأبواب كليا، كما تقول المعلومات القادمة من هناك. في ووهان أصيب عشرات آلاف فقط، داخل بحيرة سكانية تجاوز عددها ال ١٠ ملايين. الدعاوى الصينية حول المجتمع الذي حصل على مناعته لا تتناسب مع الأرقام التي تقدمها حول الإصابات. ثمة عشرة ملايين نسمة لم يصابوا بالوباء، كما تخبرنا السلطات الصينية. أو: إن عليها أن تعرض على العالم شكلا آخر للحقيقة، شكلا قابلا للهضم.

في مقالة/ تقرير مثير توصل مراسل زود دويتشه تسايتونغ، الصحيفة الأشيك في ألمانيا، إلى استنتاج يقول إن قرابة ٤٧ ألف شخص فقدوا حياتهم في ووهان (قام بحساب عدد الناقلات (العدد الرهيب) التي تراصت أمام سبع محارق للجثث، وسعاتها، وتوصل إلى تقدير مبدئي).

بشكل عام، بصرف النظر عن الصراع المشتعل بين الليبرالية والشيوعية حول موقع الحقيقة من الحياة، يبدو أن الإجراءات القاسية نجحت في تثبيط الفيروس. هذا ما تؤكده الأرقام القادمة من مجتمعين ديموقراطيين قريبين من بكين: تايوان، هونغ كونغ ..

تباعدوا، لنحتمل جميعنا هذا الشكل الضاري للحياة
فهو، على الأقل، حياة.

م. غ.




مروان الغفوري | كاتب يمني

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى