مفكرون

حامد عبدالصمد | لاب توب أن نعترف بالهزيمة. كل من كان يحلم بدولة مدنية علمانية ديمقراطية عليه أن

حامد عبدالصمد

لاب توب أن نعترف بالهزيمة. كل من كان يحلم بدولة مدنية علمانية ديمقراطية عليه أن يعترف بأن فشل هذا المشروع ليس سببه فقط تغلغل الفكر الديني في كل طبقات المجتمع ولا حتى تحالف الدولة مع الأزهر والكنيسة ، لأن كل جانب يبحث عن مصلحته. الشعب عاطفي يحب الخطاب الذي يحرك مشاعره ويطرح حلولاً سهلة وسريعة للدنيا والآ خرة. الدولة تريد أن تضع تأثير الإخوان على الأرض ، فتحاول تحييد السلفيين وإرضاء الأزهر وعدم استفزاز مشاعر الناس حتى لا تحارب في أربع جبهات في نفس الوقت. لا يستطيع أحد التأثير على الدولة إلا من له وزن حقيقي. الدولة تراهن على من لهم تأثير على الأرض لا على من يريدون تنويراً بكبسة زر على الانترنت.
لابد أن نعترف أننا فشلنا في اقناع الناس أن الدولة المدنية العلمانية ستكون وطنا يحبهم ويحبونه. لقد نقدم بشخصنة المعركة وظننا أن تحطيم أساطير البخاري وابن تيمية وسيد قطب والشيخ الشعراوي سيقود الناس لمعانقة أفكار كانط وروسو وفولتير وطه حسين وفرج فودة ونصر حامد أبوزيد. لابد أن نعترف اننا قليلون جداً وليس لدينا بضاعة فكرية ووجدانية جذابة لمعظم الناس. وحتى بيئة المثقفين العلمانيين مليئة بالنفاق والغيرة والكسل والذكورية والأبوية والعدمية.
الخطاب الوطني للدولة والخطاب الديني للإـ///ــلاميين والأزهريين نابع من الناس وموجه إليهم .. يحدثهم عن مخاوفهم وأحلامهم اليومية ويستعمل مصطلحات وصور مألوفة ومحبوبة للناس ويحرك فيهم الخوف والغضب والشعور بالذنب والأمل. أما خطابنا سواء الفكري أو السياسي كان ولا يزال نخبوياً جافاً وخالياً من الشعبوية وعن لجمع الناس حوله. خطاب قد يقنع بعض المثقفين الذين لا يحتاجون اقناعاً من الأساس ، لكنه لا يصل إلى معظم الناس ولا يعدهم بحياة أفضل.
لهذا السبب توقفت عن نقد الدين ونقد السياسيين بطريقة غاضبة لأن هذا هو آذان في مالطة. أصبحت لا أؤمن بخلاص جماعي لشعب أو حتى لقرية. لا يمكنهم أؤمن بالإنسان كفرد يستطيع أن يحرر نفسه من سجون نفسه أولاً قبل أن يتباكى على السجون الجمعية. قرر أن أقدم لمن يقرأ لي ويشاهدني محتوى لا يغذي فيه الغضب بل التفكير والوعي وتحمل المسؤولية. وحتى لو لم أنجح في ذلك فسأكون راضياً ، لأن كل ما يخرج مني من أفكار ومشاعر يعود إليّ مرة أخرى في صورة أنقى تلك.
خيبة الأمل هي نتيجة طبيعية لمن يريد أن يتسلق الجبل في قفزتين دون أن تنزل منه حبة عرق واحدة. أما الرضا في يأتي نتيجة تواضع ومعرفة وعمل. تواضع أنك لا تستطيع أن تغير أحداً إلا لو كان يريد التغيير فعلاً ، ومعرفة أن ما تريده موجود بداخلك أنت ، وعمل على فهم ذاتك وتحريرها من النرجسية والعدمية!

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى