كتّاب

صديقنا وأستاذنا عباس منصور، فلاح مصرى أصيل، ومفكر صاحب رؤية…


صديقنا وأستاذنا عباس منصور، فلاح مصرى أصيل، ومفكر صاحب رؤية شاملة وبناء فكرى ضخم يخلقه على أجزاء فى إصداراته المتتالية فى صمت وهدوء وبعد عن الأضواء، وهو بعيد عشان خايف حد ينتبه لأفكاره- اللى هى نفس أفكارنا بس مكتوبة روايات- ويسبب له مشاكل تعطله عن إنجاز مشروعه الفكرى.
أظنه كان كيركجورد اللى قال: الإنسان ماهو إلا مشروع قائم بذاته ولذاته، إنه ماشرع فى أن يكونه لا ما أراد أن يكونه”…………………
وأشهد إن عباس منصور بيطبق المبدأ الوجودى دة بدقة، هو أراد وشرع .
تعالوا نشوف الراجل الجميل دة بيقول إيه وازاى، وعارف مقدما إن كتير من الأصدقاء عايز بوست سريع، المرة دى جرب بوست دسم، وياريت نعرف رأيكم فى التعليقات.
………………………………………………………..

الفصل الأول من رواية منازل المكيين ..قيد النشر …………………….

غير بعيد من الكعبة تحت سدرة عكاظ ضوء القمر الصافي يجلو العتمة ويلقي بظلال السدرة على وجه سلمى بنت حرملة في مدخل خيمتها المستطيلة،من سطح الخيمة ترفرف راية حمراء بحرية تامة كلما دفعها نسيم الشمال القادم من تهامة المحاذية لبحر القلزم المحيط,في الفناء المؤدي للخيمة تجلس سلمى تحتسي شراب القيصوم المر,في مواجهتها زبراء بنت رئام كاهنة بني أسد،استدعتها سلمى على عجل،قدمت لها قدحا من القيصوم قبل أن تبادرها: ـــ تأخر عمران على غير العادة ،سافر إلى مصر ولم يعد حتى الآن ،قلبي يضطرب قلقا عليه . ردت عليها زبراء: ـــ خرج ليوم معلوم،يشق الفيافي والغيوم، إلى مصر ومنها يقوم،غانما غير مصروم، ويأتيك بهديّة ،وحاجة مقضية، فلاتجزعي… قاطعتها سلمى: ـــ ليست المرة الأولى التي يطول غيابه عني، لكنها الأولى التي ينخلع قلبي شوقا إليه. أكملت زبراء تكهناتها: ـــ لكِ بضعة من البنين والبنات ،جاؤوا من التحريك والسبات ،يعرفون سلمى أمهم ، ويجهلون عن عمد آباءهم… قاطعتها ثانية: ـــ نحن أصحاب الرايات لا نتوانى عن إرضاء السادة في مكة والحجاز،ننسب نبت أرحامنا للكرماء الطيبين حتى وإن لم يكونوا من أصلابهم… احتجت زبراء،واصلت التكهن: ـــ أنت يا سلمى لك في الضجيع حظوة، يقصدك الفحول فما تقضين وطرا ولانزوة… ردت: ـــ علّمتنا الأيام والليالي أن الرجال رأس مالنا،تعلمنا كيف نجعلهم مفتونين بالغرام دائما،لايرتوون منّا أبدا،وكما ترين لي من البنين ثلاثة وبنتا ،أمهم واحدة وأباؤهم متعددون. سلمى بنت حرمله أصابها رمح في حرب الفجار،وقعت سبيّة في قبضة ابن المغيرة الذي باعها لابن جدعان في سوق عكاظ قبالة الكعبة،فتاة صارخة الحسن يأبى ردفاها وصدرها إن ارتدت ثوبا أن يمس بطنها أوظهرها،ترصّدها فتيان الحي في الغدوة والروحة،ووقت قضاء الحاجة في الكنيف ليلا بخلاء جبل أبوقبيس، توصّلوا لأدق التفاصيل والندوب الطبيعية في خريطة جسدها الداخلية ،تغنوا بمفاتنها خلال مساءاتهم في شعاب الحجاز بقولهم: أبت الروادف والثدي لقمصها ..مس البطون وأن تمس ظهورا،وإذا الرياح مع العشي تناوحت،نبّهن حاسدة وهجّن غيورا. طارت أوصاف مفاتنها ،عمّت الشعاب والنجود والوديان،أراجيز وأشعارا ينشدها الرعاة والمحاربون،باعها سيدها لابن جدعان تجنبا للمشاحنات بعدما صارت سيرتها على كل لسان،ذات ظهيرة رمضاء وقد بدأ موسم الحج وبينما كل الأشجار والإبل والناس غارقون في قيلولة الهجير حطت سلمى بنت حرملة رحلها في عكاظ المواجهة للكعبة وانتظرت تمام الموسم، أشار عليها ابن جدعان بخيمة وراية حمراء كما تفعل الكثيرات ،قال لها: ـــ سيرزقك الله كما يرزق الطير والسباع والأنعام والعقارب والحيات في جوف الجبل، سيرزقك كما يرزق الناس ،الهاجع منهم والناجع. وتابع: ـــ تجهزي وسأكون عونا لك في كل ما تحتاجين. في الليلة الأولى من الموسم جموع قبائل العرب والأعراب من الحضر والمدرالمتوافدين من اليمن وحدود الشام من بصرى ونجد منهمكون في مناسك الطواف عرايا حول كعبتهم ،يهرولون في طريق أساف ونائلة العاشق والمعشوق اللذين سخطهما رب الكعبة صنمين ، الناس يسعون سكارى راقصين قبل ذبح القرابين من الإبل والماعز والأغنام ،تسيل دماؤها تحت أقدام الآلهة التي نصبتها القبائل حول الكعبة ،يفز من بينها هبل واللات والعزى وأساف ونائلة، ألقت سلمى الحرملية رحلها ورحالها على صعيد عكاظ المواجه للكعبة. في الليلة الأولى من موسم الحج استفتح خيمتها من ضمن قاصديها العاص البكري وابن حرب السفياني،قصدها بعدهما فحول كثيرون من بقاع الحجاز وتهامة ، بهم من سغب الوحدة ما لا يطفئه ماء الفرات،حبلت في تلك الليلة وحين ميقات الولادة وضعت وليدا،استدعت العاص البكري ونسبت إليه الوليد في حضور ابن جدعان قائلة: ـــ هذا ابنك عمران ياسيد بني أمية . كل من رأى عمران بعد ذلك نفى أي شبه بينه وبين العاص البكري ،حتى زبراء بنت رئام الكاهنة عندما صارحتها بأن عمران لايشبه العاص الذي نسبته إليه،ردت عليها قائلة: ـــ فعلا أبوه هو ابن حرب السفياني إلا إن العاص رجل كريم كالريح المرسلة فأحببت أن يعيش ابني في كنف رجل كريم. سلمى والزبراء غارقتان في الصمت أمام الخيمة ذي الراية الحمراء على صعيد عكاظ ،ضوء القمر ونسيم تهامة يغسلان الوجوه والحصباء التي أنضجها لهيب الشمس الحارق طوال ساعات النهار،بعض الظلال لرجال يدخلون ويغادرون باحة الخيمة وهسيس أصوات غنج ودلال، صرخات مكتومة تنبعث من جوف الخيمة،توقفت خطوات ابن جدعان وتوقف ظله على وجه الزبراء،فاتحهما: ـــ قحبة معتزلة ,وكاهنة تخلّى عنها الجن، أكيد ليس لديهما ما يشغلهما سوى الثرثرة والحنين لليالي الغرام الدافئة في أحضان النشامى وأيام العشق الخوالي!! ـــ ماذا جاء بك يابن جدعان؟ ـــ حنينان جاءا بي،حضن غانية ظامئ وأخبار عمران. ـــ لم تعد بك طاقة على احتمال أحضان الغواني أما عمران فقد بشرتني الزبراء بقدومه قريبا. أشارت عليه بالجلوس ، قدمت له قدحا من القيسوم بعدما هيأت له جلسة بجوارها ،ظهره للخيمة في مواجهة الكعبة ،حيّته: ـــ طابت ليلتك أيها الكريم من نسل الأكرمين. من جوف الخيمة يسطع صوت تُمَاد مغنية ابن جدعان: تريك إذا دخلت على خلاء وقد أَمنْتَ عيون الكاشحينا ذراعي عيطل أدماء بكر هجان اللون لم تقرأ جنينا وثديا مثل حق العاج رخصا حصانا من أكف اللامسينا ومتني لدنة سمقت وطالت روادفها تنوء بما ولينا ومأكمة يضيق الباب عنها وكشحا قد جننت به جنونا وساريتي بلنط أو رخام يرن خشاش حليها رنينا . من صعيد جبل أبو قبيس انطلقت صرخات مدوّية غطت على غناء تماد غانية ابن جدعان: ـــ فعلها الفاسق ابن الفاسق،قتل وسلب في الشهر الحرام!! نهض ابن جدعان يستطلع الخبر،خمسة فرسان يسوقون قطيعا من الأغنام وبضعة من الإبل،يتقدمهم شاس الطائي،استوقفه ابن جدعان: ـــ ما الخبر ياسيد طيء؟ رد غاضبا: ـــ هودا بن الجافي سلب ونهب قوافلنا عند تخوم اليمامة ،ولولا الشهر الحرام لأشعلنا البوادي نارا ودماء لاتنطفئ إلى يوم الدين. تخطى شاس موقع ابن جدعان ،توجه صوب الحجيج يتب
عباس




يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫6 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى