الأقيال

حــــكايــتي مع خــمــس بــني هــاشــم ،،،…


حــــكايــتي مع خــمــس بــني هــاشــم ،،،

مــصطفي مــحــمــود اليمن

قبل سنوات ، كنت في نيوزيلندي، وصادف حلول عيد الفطر المبارك،، ، وبينما كنت اجلس بانتظار صلاة عيد الفطر في أحد “المراكز الإسلامية” مصطحبا معي صديق لي نيوزيلندي كان حديث عهد بالإسلام ولا يزال طريا في خطاه. و نحن كذلك في انتظار الصلاة و في غمرة حركة الناس يمنة و يسرة استعدادا لمراسم الصلاة ، إذ جاء شابان فوضعا صندوقين أمام الصف الأول لجمع صدقات الفطر قبل أن تبدأ المراسم. نظرت إلى الصندوقين فرأيت أنه كُتب على أحد الصندوقين باللغة الإنكليزية “For Sayyed” و على الآخر ” For non Sayyed” ، أي صندوق صدقات “السادة” و صندوق صدقات “غيرالسادة” ! و الحكمة من الصندوقين هي حتى لا تختلط فلوس “السادة” مع فلوس البشر العاديين … من غير “السادة”!
نظرت بامتعاض إلى هذه الإهانة في مصباح العيد ، و ندمت أني جئت لهذا المكان السخيف و جلبت معي صاحبي الذي كنت حريصاً على سمعة الإسلام أمام ناظريه البريئتين، فتذكرت أن للصائم دعوة مستجابة في مصباح العيد ، فبسطت كفيَّ داعيا و أغمضت عيني خاشعاً و طلبت بقلب راجٍ و لسان ضارعٍ و سألت ألله بحق هذا اليوم الذي “جعله للمسلمين عيدا ، و لمحمد صلى االله عليه وسلم ،ذخرا و شرفاً و كرامة و مزيدا” أن يصرف نظر صاحبي عن ملاحظة هذين الصندوقين الأسودين – لعنهما الله – مردداً الآية المشهورة في هذه المناسبات ((و جعلنا من بين أيديهم سداً و من خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون)) كي لا يلتفت صاحبي إلى هذه الفضيحة ، حرصا مني على سمعة الإسلام و المسلمين ، و ما أن انتهيت من دعائي و مسحت وجهي تبركاً – بعد الصلاة على محمد حتى مال إلي صاحبي هامساً بسؤاله البريء: ماذا تعني عبارة “للسادة” و “لغير السادة” على هذين الصندوقين ؟؟
احترت كيف أواري هذه السؤءة الفقهية و بأي ستار أداري هذه العورة الشرعية؟ و كيف أبرر لصاحبي سفاهة هذا التشريع الذي يعتقد به الملايين من السذج ؟ فصاحبي هذا بريء ، طيب القلب ، و هو علاوة على ذلك و بحسب ثقافته التي نشأ عليها لا يفهم ماذا يعني أن يُقسَم الناسُ حسب انتمائهم القبلي إلى صنفين ، أحدهما مُحَسّن شبه مقدّس و الآخر تصنيع عادي . هو لا يفهم شيء اسمه تفضيل “بني هاشم” أو “العترة الطاهرة” و هو تعبير استفزازي يلمز بقية أعراض الناس بأنها غير مطهرة ! صاحبي هذا غافل ، لا يعتقد بشيء إسمه “الأشراف من بني هاشم” و لا “السادة من أهل البيت” و لا يتصور وجود طبقة نبيلة و أخرى سحيقة في ديانة كان شعارها الناس سواسية كأسنان المشط.،
لم أرد أن أوقظه من أحلامه أو أنبهه إلى أوهامه ، حيث كنت يومها حريصاً على أن أداري عنه سوءات الفقه و أصرف عنه بلاوي التشريع ، فقلت له بابتسامة تكاد تخفي سأمي و استيائي: هذه قصة طويلة خير لك أن لا تشغل دماغك بها.
هذا دين يلعب النسب دوراً محورياً في صياغة فقهه الإقتصادي و السياسي و الإجتماعي على طريقة القبائل العربيه، و هذه التفرقة العنصرية و تقسيم الناس القبلي حسب قرابتهم من فروع قبيلة سكنت الحجاز قبل 1400 عام اسمها “بني هاشم” هي مما توافرت عليه الأحاديث و الروايات التي اجتمعت – أو قل تمالئت – على “تحريم” الصدقة على آل محمد (حسب التقرير الشيعي) أو على بني هاشم (حسب التقرير السني) ، و السبب الذي أجمعوا عليه هو أن الصدقة هي … ركّزوا معي قليلاً ، يااحرار اليمن ،و لا تتقيؤن فأنتم في العالم السفلي الآن … الصدقة هي “أوساخ الناس!” فلا تليق بـ “الطاهرين المطهرين” من بني هاشم!
أوساخ الناس ؟! تقديم يد العون لتعين بها الفقير المحتاج يسمونها اوساخ الناس؟ فمن أين جاؤوا بأوساخ الناس؟
جاء بها حديث في “صحيح مسلم” و “مسند أحمد” ما لفظه (إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس ، لا تحل لمحمد و لا لآل محمد)
و في مسلم أيضاً عن أبي هريرة قال ((أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه ، فقال رسول الله : كخ كخ أما علمت أنا لا نأكل الصدقة ؟))
كخ كخ للتمرة؟!
تعلمنا و نحن صغاراً أننا إذا لقينا كسرة خبز على الأرض أن نحملها و نقبّلها و نضعها في مكان محترم لأنها ((نعمة الله)) ، و لكن النبي في هذا الحديث يقول للتمرة “كخ كخ” !
يشترك الفقه الشيعي مع الفقه السني في تحريم الصدقة على بني هاشم ، الفرق بينهما هو في نطاق التحريم و مدى تفعيله ، فالفقه الشيعي يحرمها على سلالة عائلة واحدة من بني هاشم و بصورة فاعلة حتى تقوم الساعة (لا أدري بعد كم ترليون سنة) ، أما الفقه السني فيحرمها على جميع بني هاشم ، مع وقف التنفيذ!
هل يعني هذا أن معنى الآية ((خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها)) يقصد بها خذ منهم أوساخهم؟ و هل الآية الأخرى التي تقول ((لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبون)) يقصد بها حتى تنفقوا مما تتوسخون منه ؟
و بناء عليه ، لا مانع أن تقول ذلك للفقير الذي تعطيه من صدقاتك “خذ إليك .. هذه أوساخي ، أتقرب بها إلى الله !” و على هذا الفقير أن يتقبل أوساخك و هو رحب الصدر! و إذا شاءت المشيئة و دارت بك الدنيا دائرتها و احتجت إلى المعونة ، فلا بأس أن تسأل بعض الميسورين أن يعطوك بعض أوساخهم تتقوى بها و تأكل منها! و هكذا المجتمع المسلم المثالي ، يؤازر الناس الناس بعضهم البعض … بأوساخهم!
هل من الإنسانية في شيء أن تأتي بالصدقة إلى الفقير المحتاج لتقول له : هاك بعضاً من أوساخ الناس تقوى بها أنت و عيالك؟

لكن مالسبب الذي دفع الفقهاء لهذه التفرقة العنصرية بين بني آدم؟ و هل هناك من ميزة خاصة لبني هاشم تجعلهم يتأذون من صدقات الناس ؟ إنها في حقيقتها تمهيد لسرقة و غنيمة شرعية أعظم بكثير من الصدقات التي تخضع لمزاج المتصدق و ما تجود به يمينه ، أنها تمهيد لأكبر و أطول عملية نصب و احتيال في تأريخ الأديان المتمثلة في الفرض الديني لضريبة الخمس التي تؤخذ من جهد المضحوك عليهم و جهد عيالهم و تعطى لهذا الـ “السيد” المنحدر من سلالة أبي طالب، و التي يبدو أنها ليست من الأوساخ التي يتاذى منها “السيد” الهاشمي! كيف تكون الصدقة التي يدفعها الإنسان عن طيب خاطر هي أوساخ لا تليق بمقام السيد الهاشمي و لايكون الخمس الذي يؤخذ بقانون شبه عنوة – تحت تهديد الآيديولوجيا المضللة – من ضمن أوساخ الناس؟
ثم أن “الهاشمين” الذين يرتعون عالة ، في البلاد الغربية يقبضون مرتبات الرعاية الإجتماعية من الدولة ، و هي في حقيقتها صدقات/زكاة/ضريبة الدخل تجمعها الدولة من جهد باقي العاملين الجاهدين ، و من ضمنهم المومسات ، فلماذا لا يرفض “الهاشمي” بن الطاهرين المطهرين الأخذ مما اختلط بعرق أفخاذ المومسات؟
لا يوجد إنسان عنده أدنى قدر من الكرامة و المروءة يرضى بأن يماليء شريعة تفرق بين الناس على أساس النسب و القرابة لعشيرة انتهازية سكنت الحجاز قبل مئات السنين! و لئن قبل أؤلئك المنحدرون من بركات الجهاز التناسلي لبني هاشم بهذه الحضوة لأنها تغتصب أموال الناس و تلقيها في جيوبهم ، فعجبي ممن يصبُّ تعبه و شقاءه بيديه في جعبة الهاشمي صاغراً راضياً مرضياً ؟ و ستبقى فضيحة صناديق الخمس للهاشمين شاهدة على عنصرية و ازدواجية أؤلئك الذين يتبجحون بأحاديث ((لا فرق بين أعجمي و عربي إلا بالتقوى)) .

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى