كتّاب

من يقاتل إلى صف الشرعية في اليمن…


من يقاتل إلى صف الشرعية في اليمن
مروان الغفوري
ــــــ

في البدء عمد الرئيس هادي إلى تسليم معسكرات كبيرة لجماعة الحوثي لأسباب كثيرة من السهل تخمينها لا فهمها. حدث ذلك مع اللواء ٣١٠ في عمران، أكبر التشكيلات العسكرية التابعة للمنطقة السادسة، ومقرها صنعاء. وقبلاً عندما عمد رجله القوي “اللواء لبوزة” إلى إدخال جماعة الحوثي مقر قيادة المنطقة الخامسة، في تهامة، آمراً الجنود والضباط أن يرددوا شعار الحوثيين في أول مشهد لانحناء القوات المسلحة اليمنية على ذلك النحو المذل. أما صالح، خصم هادي، فذهب بالموازاة يسلم الحوثيين قوات النخبة، الحرس الجمهوري، أو يضعها تحت تصرف الجماعة الإرهابية.

بينما كانت حشود الحوثيين تخترق صنعاء من كل الجهات كان الجيش يصدر بيانات تاريخية يعلن فيها حياده المنيع، ويطلب من الوحدات
العسكرية البقاء في الثكنات. وقف هادي، بقوته كلها، خلف تلك البيانات أما الحرس الجمهوري فكان قد تنكراً كلياً في زي المقاتلين الحوثيين.

الجيش الذي أعلن حياده آل إلى عصابه، والرئيس المحايد وضع تحت الإقامة الجبرية، وفر قادة الأحزاب إلى خارج اليمن، ورحل التجار والأغنياء وأبناء الطبقات الرفيعة. فر الجميع: الحكماء، القضاة، سائس خيل الأمير، المغنون، حامل السيف، راقصة المعبد، مستوردو شحنات السلاح، جباة الضرائب، وعشيق الأميرة. فروا جميعاً بالطريقة الدرامية التي تخيلها أمل دنقل في “مقابلة خاصة مع ابن نوح”.

انطلق الحوثيون في الجهات كلها. ما إن يدخلوا مدينة حتى يفر منها رجال هادي أولاً، ثم رجال الأحزاب ثانياً، ثم الآخرون. كان رجال صالح، على الجانب الآخر، يلبسون الزي الحوثي وينضمون إلى العصابات. وعندما تدخلت المقاتلات العربية، في السادس والعشرين من مارس من العام الماضي، لم يكن قد بقي في الميدان سوى الفقراء والمهزومين الذين لم يمنحهم اليمن شرفاً ولا سعادة. من كل بيت هرب الموظفون البيروقراطيون والأغنياء وحملة الشهادات العُليا وبقي الأقل حظاً. الأقل حظاً، المهمشون، أولئك الذين ما استكملوا التعليم لظروف عصيبة، ولا دخلوا الجامعات لأسباب خارجة عنهم، ولا عثروا على وظائف، ولا أمنوا دخلهم. أولئك الذين عاشوا على سطح الوطن، لا دفنهم الوطن ولا ساعدهم على الصعود. تركهم لمصير بائس في زمن لم يجد بالكثير، وفي لحظة المكاشفة طلب منهم أن “يلجموا جواد المياه الجموح”.

هرب الأغنياء وحملة الشهادات إلى الخارج وتركوا أقاربهم وجيرانهم من الجائعين وقليلي الحيلة. وأولئك تصدروا المشهد وخاضوا حرباً دفاعاً عن وطن لطالما انتهك حياتهم حتى الهزيع الأخير. من الخارج نشر الأغنياء صور أقاربهم الجرحى، وبكوا الشهداء، ونجوا بحياتهم وحظهم. ذهب المساكين الشجعان يستعيدون الأراضي، وراح الفارون الجبناء يبتهجون ويحدثون أنفسهم بمجد ما بعد الحرب. الذين لم يجد عليهم الوطن بشيء جادوا له بكل شيء، أما الذين “طعموا خبزه في الزمان الحسن” فقد أداروا له الظهر ساعة المحنة، كما تنبأ أمل دنقل.

أولئك المعذبون في الأرض، الشعث والجياع كما تجسدهم الصورة العبقرية التي التقطها مصور الجزيرة “محمد القاضي”: مجموعة من المقاومين المظفرين وهم حفاة يعبرون صحراء الجوف سعياً لاسترداد محافظتهم، هم الذين حفظوا ما بقي لليمن من شرف. أنهم، بجوعهم العنيد وفقرهم، يعيدون ترتيب أسرة الأثرياء الهاربين، وحتى مخدع الرئيس. لقد حفظه أولئك الجنود الفقراء الذين كان رجاله يبتزونهم ويسرقون رواتبهم.

يسعى المعذبون في الأرض إلى استعادة وطن ربما لن يكون لهم مرة أخرى، ومن المحتمل أن يعود لانتهاك وجودهم كما فعل. لكنهم سيستعيدونه بتفانٍ نادر، ذلك التفان الذي لا يصنعه سوى الجندي المجهول. من سيعتذر لهم، وهم أولئك الملايين الذين لا يأبه لهم أحد؟ لقد أشرقت شمسهم في الجبال والوديان والمنحدرات بعد أن انطفأت شموس كل الطبقات وضربت الهزيمة عظام تاريخنا المعاصر. هم وحدهم، الآن وغداً وأمس، من حملوا رائحة الوطن وترابه ونقلوا مياه الطوفان على الأكتاف. هم الذين “قالوا لا للسفينة، وأحبوا الوطن”. كل عام وهم بخير.

عن صحيفة الوطن القطرية

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫33 تعليقات

  1. الرئيس المحايد.. وقادة الاحزاب..وابناء الذوات..واصحاب الشهادات.. ؟؟ كل هؤلاء الهاربين يجب ان لا يسمح بعودتهم الى الوطن… الا مجردين من القابهم السياسية
    حتى لا يفسدوا هواءه.. ونقاءه مرة أخرى.

  2. الدماء التي تسيل ليست لاجل هادي وليست لاجل من وصفهم صالح بالافاعي واقصد المشائخ وحكام الضل
    والحرب المقدسة التي يخوضها الشرفاء لن تنتهي بزوال الحوثي والمخلوع فليس هذا الا الموسم الاول فموسمها الثاني سيطال هادي وزبانيته وقادة الاحزاب الذين كانو يتسولون عند ابو قصر صالح
    هادي وزبانيته انما هم شماعة للتخلص من المخلوع والحوثي وبانتهاء الموسم الاول سيعلمون ان الشعوب لاتغفر ولا ترحم الطغاة والفاسدين

  3. هادي المخلوع الحرس
    باعوا واستلموا الثمن ثم تباكوا
    الفقراء المساكين الفئه المطحونه في هذا الشعب هي من وقفت في وجهه عصابات الحوثي والحرس المدرب ثم بعد النصر
    سيعود المرجفون في المدينه لاستلام المناصب

  4. كلامك رائع جداً دكتور مروان وكأنك تحاكي مايدور في اذهاتتا ولكن بأسلوب اكثر رقي وبطريقه قلما يجيدها الكثير بوركت اناملك وحفظ الله مدينتي الحالمه تعز بكل رجالها وكل من دافع عنها وعن اليمن.

  5. للحوثيين حسنات لم تذكرها و منها…
    قتل حميد القشيبي و هدم بيوت الشيخ عبدالله الأحمر و عياله. و هروب علي محسن الأحمر.
    و الا ايش رايك هذه مش منجزات بنظرك..

  6. ذهب المساكين الشجعان يستعيدون الأراضي، وراح الفارون الجبناء يبتهجون ويحدثون أنفسهم بمجد ما بعد الحرب. الذين لم يجد عليهم الوطن بشيء جادوا له بكل شيء، أما الذين “طعموا خبزه في الزمان الحسن” فقد أداروا له الظهر ساعة المحنة ……..

  7. اقسم لك ياMarwan Al-Ghafory
    أن قلمك ثوره بحالها مشابها لثورة الأبطال الشعث المشردون الجياع
    تهز مضاجعهم
    كل عام وأنت بخير .

  8. صحيح ان من داقع عن شرف الوطن هم الجياع والفقراء الذين لايملكون لامرتبات ولا وظائف
    اما الطبقة السمينة والمربربة اول الناس فرت من اليمن ..وجعلت اليمن يلاقي مصيره الاسود بقعة بقعة من فئة خارجة من الكهوف لاتعرف ماذا يعني انسان اوماذا يعني سلام لم تقدم غير الدمار

  9. عمد الرئيس هادي الى تسليم معسكرات كبيرة لجماعة الحوثي…!؟؟؟؟
    اي مغالطة سخيفة هذه ..اتريد القول ان الجيش الذى بناه صالح على اساس عائلي كان ينفذ اوامر هادي ..الكل يعرف كما اثبتت الاحداث ان صالح كان ومازال الرئيس الفعلي الذي تحكم بالجيش والدولة وهوا الذي سلمها للحوثيين انتقاماً من الشعب الذي ثار عليه ورغبة في اعادة ابنه المدلل لمواصلة حكم اليمن بالقوة.. من يعتقد غير ذلك اما عبيط او يستعبط ومن يصدقه اما غبي او يتغابى..!!!

  10. اولئك الشعث والجياع كما جسدتهم صورة محمد القاضي من المقاومين المظفرين وهم حفاة يعبرون صحراء الجوف هم الذين حفظو ما بقي “لليمن” من شرف .. لليمن فقط لليمن فقط ولكنهم سرعان ما يسلمو هذا الشرف للاثرياء الهاربين وقد يحصل لهم ما حصل للثلايا .. يا للعجب

  11. إن كنت مقتنع بهذا الكلام .. كيف من الممكن ان تطالب بعودته رئيسا لليمن؟؟؟ بحق المعذبين و المظلومين و المقهورين أي عقل لديك كي ترضى به و بعودة الرئيس (المحايد) .

  12. فر الكثير من التجار قبل ان يدخل الحوثي صنعاء ولكن تجارتهم واعمالهم استمرت تعمل بنفس وتيرتها وايضا من هؤلاء التجار ممول للحوثي ومعظمهم من تجار الغفله من انتاج صالح وجعلهم كلهم اعضاء في اللجنه الدائمه وانتزع وكالات من تجار ليسلمها لتجاره هؤلاء الذين يمولون اليوم الحرب ضد تعز وغيرها

  13. أيوه هكذا نقرأ ونستوعب رسالتك الواضحة جداً ﻻنحتاج لمترجم قد ينقل لنا تفسيره هو لما كتبت ﻻما أردت انت أن نفهمه من حروفك الرائعة وﻻ نفهمها اليوم سهل ممتنع دمت بخير أيها الرائع الوديع

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى