قضايا المرأة

جمانة حداد | لا تصوّت! …

جمانة حداد

بادرتُ خلال الأسبوع الفائت ، في إطار حملة تنظمها جمعية صديقة ، إلى نشر موقف انتقادي حيال استغلال الفتيات وابتزازهنّ الكترونياً ، وهي ظاهرة متزايدة في لبنان والعالم العربي. ما إن فعلتُ ذلك حتى قامت قيامة بعض الذكور من ذوي النخوة المصطنعة ، بحجة أن الشبّان أيضاً يتعرضون لمثل هذا الابتزاز.

هذا رد فعل ليس بالجديد ، لا بل هو يتكرر كلما كتبت شيئاً حول وضع النساء وضرورة حمايتهّ من أشكال التمييز والعنف المختلفة الممارسة عليهنّ. هناك دائماً من يحتج متبكبكاً: “وماذا عن الرجال ؟. مش حرام نحن؟ نحن كمان ضحايا!”. أو الجواب الآخر القنبلة: “صار بدنا جمعية تدافع عن حقوقنا!”.

السادة الأعزاء ، لا أحد يُنكر ، ليس أنا في الأقل ، أن الشبان أيضاً يتعرضون للابتزاز الالكتروني. ولا أحد ينكر ، ليس أنا في الأقل ، أن الرجال أيضاً يعانون في عالمنا التعيس. لكن الموضوع ليس هنا. أولا ، أن نتحدث عن معاناة النساء لا يعني أن ننكر معاناة الرجال. ثانياً ، هناك فرق شاسع وهائل في الأرقام بين العنف الموجّه ضد النساء وذاك الموجّه ضد الرجال.

عندما ذكرتُ النقطة الثانية لأحد المعترضين ، أرسل لي رابطاً إلى مقال يؤكد أن عدد الشبان الذين يتعرضون للابتاز الالكتروني هو أكبر من عدد الشابات ، بحسب الإحصاءات الأخيرة التي تشكل في … احزروا وين؟ هولندا!

هولندا يا جماعة! البلد الذي يحقق فيه المساواة الجندرية منذ عقود ، والذي لا يمكن الرجل فيه أن يقول “به” إذا كان كلامه سوف يعكّر ، فقط يعكّر ، مزاج امرأة ما. شتان ما بيننا وبين هولندا. عندما سألتُ العبقري: وما دخل لبنان بهذه الإحصاءات؟ سارعني بالجواب القاضي: “أنتِ تكرهين الرجال. لن أصوّت لكِ. لا بل تكون كثراً من الرجال” الحقيقيين “في هذا البلد لن يصوّتوا لك”.

بمعزل عن قراري الابتعاد عن السياسة من الآن فصاعداً ، وتالياً لا جدوى هذا التهديد الطفولي الذي أتحفني به صاحبنا ، يهمني أن أشرح له الآتي: الرجل الحقيقي ، يا عزيزي ، هو ذاك الذي لا يخاف المرأة القوية. الرجل الحقيقي هو ذاك الذي يساند المرأة المظلومة ويريد العدالة لها. ولو – لو – كنتُ أنوي أن أترشح من جديد ، لما كان شرّفني أن يصوّت لي أمثالك.
المقترحةضى يعني.


اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى