كتّاب

يقال أن أعظم حدث فى تاريخ البشرية كان قيام الثورة الفرنسية:…


يقال أن أعظم حدث فى تاريخ البشرية كان قيام الثورة الفرنسية: 1789 إلى 1799 ، ويبدو أن هذه المقولة صحيحة إلى حد كبير، فقد كانت ثورة فرنسا نتيجة عصر العقل الأوروبى، الذى بدأ منذ القرن 14 ، وقد بدأت الثورة الفكرية هناك بكتاب لقس بولندى هو “نيكولاس كوبرنيكوس” 1473 : 1543 هو “عن دورة الأفلاك السماوية “، الذى إقترح فيه نظاما جديدا للحركات السماوية بديلا عن النظام البطليموسى الذى كان سائدا، وكانت مفاجأته التى أعلنها للعالم أن الأرض ليست هى محور الكون وأنها هى التى تدور حول الشمس وليس العكس كما كان شائعا، وهو ماوضع الفكر الدينى فى مأزق إذ كيف يهبط الإله من علياء سمائه ويهان ويصلب من أجل سكان جرم تافه ليس هو محور الكون؟!!!! ، وعندما أخذت هذه النظرية فى الإنتشار أعلنت الكنيسة سنة 1616 أنها “زائفة وخاطئة”، وعندما أيدها جاليليو 1564 :1642 هاجمته المؤسسة الكهنوتية واضطرته إلى إنكارها وهو راكع على ركبتيه ثم حددت إقامته فى منزله بقية حياته، وهو على كل مصير أفضل من مصير “جيوردانو برونو” الذى أحرقته الكنيسة حيا لذات السبب سنة 1600 .
وجاء إسحق نيوتن 1642 :1727، ونشر كتابه “المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية” 1687 الذى يقال أنه أهم مؤلف فى العلوم الفيزيائية، ووضع فيه نيوتن قانونا للجاذبية مفاده أن كل جسم فى الكون ينجذب لأى جسم آخر بقوة تزيد شدتها كلما زادت كتلة الأجسام وكلما إزدادت قربا أحدها من الآخر، وهذه القوة هى التى تسبب سقوط الأشياء للأرض، أو بمعنى آخر أنه أوجد قانونا علميا يحكم الظواهر الطبيعية لاوجود فيه لقوى حافظة ميتافيزيقية، مما أحدث شروخا عميقة فى جدران المعبد بدا وكأنها مستعصية على الترميم .
وجاء تشارلز داروين 1809 :1882 بنظريته عن النشوء والإرتقاء فى كتابيه “أصل الأنواع” و “تسلسل الإنسان” ليؤكد لنا سفه قصة الخلق المستقل كما وردت فى الكتب المقدسة، وأن الإنسان ماهو إلا تطور إرتقائى من كائنات أقل منه رتبة إندثرت نتيجة الإنتخاب الطبيعى، أو بمعنى آخر أنه أتى بنظرية علمية تعارض الرؤيا الدينية كما وردت فى سفر التكوين وغيره، وكانت هذه الضربة أعظم من أن يتحملها جسد المعبد الواهن فبدأ فى الإنهيار .
ثم جاء كارل ماركس 1818 :1883 بآرائه المادية فى تفسير التاريخ الذى لاوجود فيه للمعجزات، وإنما كل حدث وله مقدمات مادية تؤدى إلى نتائج حتمية .
وهنا صاح نيتشة 1844 :1900 صيحته الشهيرة: “إن الله قد مات” ..!
كانت هذه هى الأرضية الفكرية التى قامت عليها الثورة الفرنسية والتى أدت إلى تغيير فى الكرة الأرضية كلها حيث سادت شعاراتها الثلاث: الحرية- الإخاء- المساواة!!!.
نعلم قطعا أنها كانت الثورة الأكثر دموية فى التاريخ، ولكن دمويتها كانت الوجه الآخر لدموية الكهنة الذين ذبحوا وأحرقوا وقتلوا تسعة ملايين مواطن تحت دعوى الهرطقة أو السحر أو الخروج عن المعلوم من دينهم بالضروة، ودخلت الكنيسة إلى معبدها مكللة بدماء 9 ملايين مفكر ، وبدأ عصر العقل ………………………..


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى