قضايا الطفل

محنة العرائس الأطفال: دراسة مسألة الزواج المبكر

زواج القاصرات: الكشف عن الواقع المأساوي للزواج المبكر

إنها حقيقة مؤلمة أنه في أجزاء كثيرة من العالم اليوم، تُجبر الفتيات الصغيرات على العيش في إطار الزواج قبل أن تتاح لهن الفرصة لتحقيق أحلامهن. وتشكل هذه الممارسة، المعروفة عموماً بزواج القاصرات، انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان ومسألة تتطلب اهتماماً عاجلاً. ومن بين البلدان التي تأثرت بشدة بهذه الظاهرة، تبرز اليمن على أنها تعاني بشكل خاص من محنة العرائس القاصرات.

يؤثر زواج القاصرات، الذي يُعرف بأنه زواج طفل دون سن 18 عامًا، على ملايين الفتيات في جميع أنحاء العالم، عبر ثقافات وأديان وخلفيات اجتماعية واقتصادية مختلفة. ومع ذلك، في اليمن، هذه القضية منتشرة بشكل خاص، حيث تسلط الإحصاءات المثيرة للقلق الضوء على مدى تأثيرها. ووفقا لليونيسف، فإن ما يقرب من 32% من الفتيات في اليمن يتزوجن قبل سن 18 عاما، ونحو 9% يتزوجن قبل سن 15 عاما.

فهم العوامل الكامنة وراء زواج القاصرات

لفهم خطورة هذه القضية، من الضروري استكشاف العوامل التي تساهم في انتشار زواج القاصرات في اليمن. تعد الصعوبات الاقتصادية وعدم المساواة بين الجنسين من الدوافع الرئيسية وراء هذه الممارسة. غالباً ما يجبر الاقتصاد اليمني الهش، إلى جانب ارتفاع مستويات الفقر، الأسر على تزويج بناتها في سن مبكرة كوسيلة لتخفيف الأعباء المالية. بالإضافة إلى ذلك، تلعب المعتقدات التقليدية والأعراف المجتمعية التي تعطي الأولوية للزواج كوسيلة للحفاظ على شرف الأسرة وحماية الفتيات من المخاطر الأخلاقية المتصورة، دورًا مهمًا في إدامة هذا التقليد الضار.

الحلقة المفرغة للفقر وعدم المساواة بين الجنسين

يعتبر زواج القاصرات بمثابة حلقة مفرغة تعمل على إدامة الفقر وعدم المساواة بين الجنسين في اليمن. عندما يتم تزويج الفتيات في سن مبكرة، فإنهن يُدفعن فجأة إلى مرحلة البلوغ، ويُجبرن على التخلي عن تعليمهن وأحلامهن. وبالتالي، فهم محرومون من فرصة تطوير المهارات، وتأمين العمل، والتحرر من الفقر. علاوة على ذلك، غالباً ما تصبح العرائس الأطفال أمهات في سن مبكرة، ويواجهن العديد من المخاطر الصحية والعقبات التي تحول دون الحصول على الرعاية الصحية الكافية لأنفسهن ولأطفالهن.

البعد المتعلق بحقوق الإنسان

لا يضر زواج القاصرات بالصحة الجسدية والعقلية للفتيات المعنيات فحسب، بل ينتهك أيضًا حقوق الإنسان الأساسية لهن. تُحرم هؤلاء العرائس الشابات من الحق في التعليم وتقرير المصير والقدرة على اتخاذ القرارات المتعلقة بأجسادهن وحياتهن. وعندما يُجبرون على الزواج، يصبحون عرضة لمختلف أشكال سوء المعاملة، بما في ذلك العنف المنزلي والاستغلال الجنسي. إن آثار هذه الممارسة بعيدة المدى ويمكن أن تكون لها عواقب مدى الحياة على الأفراد المتضررين ومجتمعاتهم.

الجهود نحو التغيير

وإدراكًا للحاجة الملحة لمعالجة هذه القضية، شاركت المنظمات الوطنية والدولية بنشاط في الجهود المبذولة لمكافحة زواج القاصرات في اليمن. وتم إطلاق حملات ومبادرات لرفع مستوى الوعي وتثقيف المجتمعات والدعوة إلى إصلاحات قانونية لتحديد الحد الأدنى لسن الزواج بـ 18 عاماً دون استثناء. تعمل منظمات مثل اليونيسف وGirls Not Brides بلا كلل لتوفير الدعم والموارد للفتيات المستضعفات وأسرهن، بهدف كسر دائرة زواج القاصرات.

الأسئلة المتداولة (الأسئلة الشائعة)

س: كيف يؤثر زواج القاصرات على تعليم الفتيات؟
ج: غالباً ما يجبر زواج القاصرات الفتيات على التخلي عن تعليمهن. تتزوج الفتيات في سن مبكرة، ولا يتمكنن من مواصلة تعليمهن ويفقدن المعرفة الحيوية والفرص للنمو الشخصي والمهني.

س: هل يتأثر الأولاد أيضًا بزواج القاصرات في اليمن؟
ج: في حين أن الفتيات يتأثرن بشكل غير متناسب بزواج القاصرات، إلا أن الأولاد يمكن أن يجدوا أنفسهم أيضًا في زيجات مبكرة. ومع ذلك، فإن معدل تزويج الأولاد في سن مبكرة أقل بكثير مقارنة بالفتيات.

س: هل الدين هو المحرك الرئيسي لزواج القاصرات في اليمن؟
ج: في حين تم استخدام التفسيرات الدينية لتبرير زواج القاصرات في بعض الحالات، فمن المهم ملاحظة أن زواج القاصرات هو قضية معقدة تتأثر بمزيج من العوامل الاجتماعية والاقتصادية، والتقاليد الثقافية، وعدم المساواة بين الجنسين.

س: ما الذي يمكن عمله لمعالجة قضية زواج القاصرات في اليمن؟
ج: يتطلب التصدي لزواج القاصرات اتباع نهج شامل يتضمن إصلاحات قانونية، وتوعية مجتمعية، وتوفير الدعم الاجتماعي والاقتصادي للأسر الضعيفة. كما يتطلب تمكين الفتيات من خلال التعليم وضمان حصولهن على الرعاية الصحية، وبالتالي كسر دائرة الفقر وعدم المساواة بين الجنسين.

في الختام، يظل زواج القاصرات انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان، ويؤثر على ملايين الفتيات حول العالم، حيث تعد اليمن واحدة من أكثر البلدان تأثراً بهذه القضية. ولمكافحة زواج القاصرات، يلزم بذل جهود متضافرة على المستويات المحلية والوطنية والدولية. ومن خلال تمكين الفتيات، ورفع مستوى الوعي، والدعوة إلى الإصلاحات القانونية، يمكننا العمل على القضاء على هذه الممارسة وضمان مستقبل أكثر إشراقا للفتيات الصغيرات في اليمن وخارجها.

ندى الاهدل
ناشطة حقوقية ورئيس مؤسسة ندى البريطانية

Nada Alahdal

Nada Foundation

for the Protection of Girls

ندى الاهدل

Human Rights Activist ناشطة حقوقية ومدافعة عن زواج القاصرات https://nadaalahdal.com/social-media

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى