قضايا المرأة

الفخر نضال وليسقط التسليع الرأسمالي في حزيران/يونيو تتوالى الذكريات الثورية، اح…


الفخر نضال وليسقط التسليع الرأسمالي✨

في حزيران/يونيو تتوالى الذكريات الثورية، احياء الالتزام بالنضالات ضد النظام الأبوي/الغيري والرأسمالي والاستعماري والعنصري، وتخليد ذكرى من رحلوا عنا في هذه المعركة التي تستنزف الأجساد والأرواح وتضعنا في مواجهة مباشرة مع الموت والأذى والحرمان. والتصميم على الاستعادة الدائمة للتاريخ ورفض تحويل النضال لأجل حرياتنا إلى كرنفال وسوق سلع رمزية.

لقد كان ولايزال سطو الأنظمة القمعية على التواريخ النضالية يشكل تحديًا حقيقياً للحراكات الثورية، فشهر مجتمع الميم/عين مثلا وجد ليذكرنا بأن “أول فخر كان انتفاضة” ضد مؤسسة الشرطة التي كانت ولاتزال أداة طبقية وذكورية وعنصرية في يد الطبقة الحاكمة لفرض السيطرة وحماية الملكية الخاصة والنظم الغيرية والتراتبية الجندرية والطبقية، لكن نشاهد منذ عقود كيف انتزع من سياقه ليتحول إلى سلعة رمزية في يد الطبقة الحاكمة خصوصًا في شمال العالم، تمتص الغضب والثورة وتفرض مكانهم كرنفالات احتفالية تبيع الحرية كمنتج رأسمالي.

تحول النضال ضد المعيارية الغيرية والتفقير والتشريد والمنع من الحياة العامة والخدمات الصحية والثروات إلى مشاهد ملونة تنتهي مع آخر يوم في هذا الشهر ليعود الحال كما كان عليه: عنف معياري بيد الشرطة والدولة والمجتمع يمنع التواجد والظهور وممارسة أبسط حق في الحياة وهو تقرير مصير الجسد والجنـــ-سانية، عنف اقتصادي بيد الرأسمالية وسياسات التفقير التي يكون ضحيتها الأكبر المجتمعات الكويرية، عنف صحي يمنع العابرات والعابرين وباقي الأطياف الجندرية من الخدمات الصحية، عنف عمراني يتمثل في سياسات المدينة الذكورية والطبقية التي لا توفر أبسط أساسيات الأمان والفرص المتساوية وتترك العديد من مجتمعنا عرضة للتشرد.

إن كل تخليد الذكريات الثورية في عالم لايزال يقبع تحت سيطرة النظام الأبوي الغيري والنظام الرأسمالي الاستعماري، وأذرع هذه الأنظمة من عنصرية وتفقير وقدراتية وتشريد، يعني الالتزام بالانخراط التام في الكفاح ضدها بكل السبل التنظيمية والنضالية، ويعني الرفض القاطع لكل مظاهر الاستلاب والتسليع التي تتعرض لها قضايانا المصيرية، ويعني رفض أي سياسات واملاءات وقواعد تأتي من الأعلى، والامتناع عن الانخراط في المهرجانات البهلوانية في الشوارع وتحويل أماكن الثورة إلى أماكن تحرصها الشرطة على أن تبقى للاحتفال لا للانتفاضة. ويعني بكل تأكيد أن ندرك أن الثورة في الجنوب تتنافى مع الكرنفالات في الشمال، وأن الغسيل الوردي لن يغسل جرائم الاستعمار الصهيوني. وأن احتفالنا ضروري لكنه مقرون بالتحرر الكلي.

في هذا الشهر لدينا هدف واحد وهو الدعوة المستمرة للتنظيم والحشد والتعليم السياسي ضد النظام الأبوي الغيري وضد الرأسمالية والاستعمار، ومشاركة تجاربنا وآمالنا وآلامنا وأحلامنا، وأن نتضامن ضد كل هذا العنف الذي نعيشه، ونفكر في من لم يستطيعوا بعد ينضموا إلينا، ونعلم أن سياقنا دوناً عن الآخرين يتربص به العنف من كل اتجاه، مجتمعات عنيفة ومؤذية، دول عقابية وانتقامية، مؤسسات قانونية ودينية واجتماعية ترسخ اضطهادنا وقتلنا، وحراكات يغلب عليها الاقصاء والنبذ والتراتبية والوفاء لقيم الأبوية العنيفة، وتغييبنا لصالح ارضاء النظام.

نؤمن ونعلم أنه لا يوجد كتيب قواعد لجنـــ-سانيتنا وأجسادنا وكويريتنا وتصورنا عن كيف نقدم أنفسنا للعالم وكيف يجب أن يرانا. لا ندين للعالم بأي شيء لا للنظام المعياري الغيري الذي ينتزعنا من أجسادنا ويشكلنا حسب مصالحه التراتبية، ولا للتصورات النمطية التي تريد توريث أنماط الأبوية وتضع تقسيمات لمن المثلي/المثلية، العابر/العابرة، متعدد الميول وغيرها، وتفرض إذاك الالتزام بقواعد يفترض أن مكانها الأبوية لا مساحات التحرر. ولا ندين بتجاربنا وآلامنا وقضايانا للمؤسسات والأفراد الذين يحولون حقنا في الحياة إلى مهنة تدر عليهمن الأموال والرساميل الطبقية والسياسية، نحن وحدنا من نقرر مصيرنا ونلتزم بالكويرية كتحرر لا كقيود.

إن كل كل يوم هو فرصة للامكانيات الثورية المفتوحة، لكن حزيران يبقى ذاكرة تدربنا على المسؤولية والالتزام والأمل الثوري، وبالألم أيضاً، الألم على كل من فقدناهمن قديماً وحديثاً، على سارة حجازي، ونوفوكاتي، وشيلا لومومبا، من بين لائحة طويلة من العابرات/ين والمثليات/ين وأفراد متنوعة من المجتمع الكويري حول العالم، ذاكرة دامية بالسجن والاغتيال والعنف الجسدي والجنـــ-سي والنفسي والاقتصادي والتشريد والتفقير والنفي.

إن كل يوم هو فرصة للتذكير بأن الثورة الكويرية منذ فجر التاريخ نحتت بأظافر موخزة في قلب الاضطهاد، أظافر العابرات السود العاملات المهجرات الأصلانيات في الجنوب أو من اختطفوا منه. لا بالأيادي البيضاء المزينة بالرينبو الرأسمالي.

نحو وعي نسوي


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى