القانون و القضاه (Law & the Judiciary)…


القانون و القضاه (Law & the Judiciary)

لن أتحدث هنا عن قضية الطفل المتنازع عليه. فهناك ما يكفى من المتحدثين عنها. لكنى سأسلط الضوء على موضوع ربما أكثر أهمية:

يتعجب البعض لماذا لا تستثمر الشركات العالمية فى مصر على الرغم من ميزات مصر الواضحة – الموقع الجغرافى، وفرة الأيدى العاملة، رخص الأجور، قدرة المصريين على تعلم اللغات الأوربية بسهولة … وغير ذلك. الإجابة ليست بسيطة، و تدخل فيها عوامل كثيرة. لكن أحد أبرز تلك العوامل هو القضاء. أو بالأحرى – عدم وجود منظومة قضائية يمكن الإعتماد عليها و الوثوق بها.

خذ، على سبيل المثال، شركة يمكن أن تستثمر مليارات فى إنشاء مصنع حديث. مجلس إدارة تلك الشركة لديه مسؤولية تجاه المساهمين الذين إئتمنوه على أموالهم، وهي أن يضمن عدم تعريض تلك الأموال لمخاطر خلاف مخاطر السوق المعروفة (المنافسة، التطور العلمى، تذبذب أسعار العملات … إلخ.) لذلك إذا أرادت الشركة الإستثمار فى دولة أخرى، فهي تبحث عن دولة فيها قوانين واضحة، وفيها نظام قضائي يمكن الإعتماد عليه لتطبيق تلك القوانين بعدالة وتجرد.

هنا تأتى قضية الطفل المتنازع عليه، و قبلها قضية السيدة التى عروها، … و كيف تصرف القضاء المصري فى الحالتين. لو كان القارئ مستشاراً لشركة عالمية، هل ستنصح شركتك (بأمانة) أن تستثمر فى مجتمع هذا هو مناخه القانوني؟ إذا إنتهكت الدولة، أو مؤسسة دينية، أو أفراد ذوو نفوذ، حقوق شركتك، (ربما لأن هناك قوانين سماوية تسمو فوق القوانين البشرية،) هل تستطيع شركتك أن تعتمد على القضاء لحماية حقوقها و إسترداد أموالها؟ ماذا لو أجل القاضى قضيتك لسنوات، ثم “إستشعر الحرج”؟ ماذا لو أجلها و أجلها و أجلها، ثم إستدرك أن القضية ليست من إختصاص محكمتة، ولا يعرف أية محكمة تختص بها؟

لو كان القارئ الكريم مستشاراً لشركة عالمية، هل ستنصح شركتك (بأمانة) بالإستثمار فى مجتمع ذلك هو مناخه القانوني؟ سأترك للقارئ أن يجيب على هذا السؤال بنفسه و لنفسه. ولا أريد لصفحتى إن تتحول إلى منصة للتقاذف الطائفي.

كان من الممكن لهذه المقالة أن تطول لأن الموضوع فيه تفاصيل أخرى كثيرة. لكنى سأتعمد الوقوف عند هذا الحد حتى لا نفقد التركيز على النقطة الأساسية – لا أحد يريد أن يخاطر برأسماله فى مناخ لا يمكن فيه الإعتماد على القانون. هذه هي الأهمية الحقيقية لقضية الطفل، و قضية المرأة، و قضية الشاب الذى دهس الفتاة، و الآخر الذى دهس الفتيان …

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version